ما هي ثقافة التعلُّم؟
ثقافة التعلُّم هي عندما تضيف التعلُّم بسلاسة إلى جميع جوانب المنظمة؛ إذ تمتد ثقافة التعلُّم في مكان العمل إلى جميع مستويات التسلسل الهرمي للموظفين، فإذا كان على الموظفين اكتساب المهارات المطلوبة للنجاح، فيجب أن يكون التعلُّم ضرورة استراتيجية، وتزرع ثقافة التعلُّم تطوير المعرفة والكفاءة المستمر في صميم كل ما تفعله منظمتك، وهذا يمكِّن كل موظف من البحث عن المعارف والمهارات الجديدة ومشاركتها وتطبيقها باستمرار.
بالطبع، تختلف أنواع بيئات التعلُّم وأشكالها، فلا توجد طريقة صحيحة واحدة لتحقيق ثقافة التعلُّم، ولكن توجد بعض الخصائص المشتركة بين أشكالها، مثل:
- دعم التعلُّم والتطوير المستقل.
- تشجيع أعضاء الفريق على التفكير في عملهم ومشاركة ما تعلموه.
- تعزيز عقلية النمو والرغبة في التعلُّم في جميع أنحاء المنظمة.
- تشكيل الاستراتيجية وعملية التغيير من خلال التعلُّم.
مستويات مختلفة لثقافة تعلُّم فعالة:
1. المستوى التنظيمي:
يعمل الجميع في المنظمات الناجحة معاً لتحقيق مهمة مشتركة؛ إذ تتيح ثقافة التعلُّم على مستوى المنظمة للأشخاص إدراك أهمية هذه المهمة، وتُوضَع البُنى والأنظمة لدعم التعلُّم المرتبط بالأهداف التنظيمية، كما أنَّ الحوار المفتوح والتحدي والتفكير جزء لا يتجزأ من القيم والعمليات.
2. مستوى الفريق:
بدءاً من مشاركة الخبرات ووصولاً إلى تقديم التغذية الراجعة، يحدث جزء كبير من عملية التعلُّم ضمن الفِرق، فيؤدي المديرون دوراً رئيساً في تحديد معالم التعلُّم وتقديم الدعم وأن يكونوا قدوة يُحتذى بها، وإنَّ الأولوية في ثقافة التعلُّم الجماعي الفعالة في التعلُّم الرسمي وغير الرسمي هي للوقت والمصادر؛ لذا يمكن للجميع التفكير في عملهم ومشاركة ما تعلموه سواء من خلال تقييم المشروع أم إجراء اجتماع منتظم لأعضاء الفريق.
3. مستوى الأفراد:
لا يمكن أن يتحقق التعلُّم الفعال إلا في بيئة يشعر فيها الأفراد بالدعم؛ إذ يعرف الناس في ثقافة التعلُّم الناجح في مكان العمل، أنَّ تطورهم موضع تقدير، وأنَّ ثمة وقتاً مخصصاً لذلك، كما تُقدَّم فرص التعلُّم بكل شفافية، ويتمتَّع الموظفون بعقلية النمو، ويتحملون مسؤولية تطورهم، ولديهم إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من برامج التدريب والمصادر وأساليب التعلُّم؛وهذا يعني أنَّهم يستطيعون تخصيص النهج الذي يتبعونه للتعلم.
فوائد ثقافة التعلُّم:
عندما تُطبَّق ثقافة التعلُّم على كل مستوى من مستويات المنظمة، تكون فوائدها واسعة النطاق، ومن هذه الفوائد:
1. التكيف السريع مع الاحتياجات المتغيرة:
يؤدي تشجيع الرغبة والقدرة على التعلُّم إلى تعزيز القدرة على التكيف واكتساب مهارات جديدة.
2. حل المشكلات بفاعلية:
إذا كان الموظفون مرتاحين في مشاركة التعلُّم والمهارات والأفكار الجديدة، فستُحدَّد المشكلات وتُحَل بصورة أكثر فاعلية.
3. الحد من عقبات التعلُّم والتطوير (L&D):
يعني تمكين الأشخاص من التحكم في تطورهم اليومي أنَّك تستطيع التركيز تركيزاً شاملاً على عملية التعلُّم والتطوير.
4. تقليل معدل دوران العمالة:
يؤدي تطوير الشعور بالملكية والمساءلة إلى زيادة رضى الموظفين ليستمروا في العمل في منظمتك لفترة أطول.
5. زيادة الكفاءة والإنتاجية والربح:
تضيف جميع مزايا ثقافة التعلُّم مكسباً كبيراً واحداً، وهو نجاح مشروعك.
5 نصائح لإنشاء ثقافة التعلُّم في منظمتك:
وجد "معهد تشارترد للأفراد والتنمية" (CIPD) أنَّ "98% من ممارسي التعلُّم والتطوير يرغبون في تطوير ثقافة تعلم إيجابية؛ ولكن 36% فقط يشعرون بأنَّهم طوروا تلك الثقافة"؛ فإذا كنت أحد هؤلاء الذين نسبتهم 36%، فماذا يمكنك أن تفعل لتغيير هذا؟
فيما يأتي بعض أهم النصائح من المتخصصين في مجال التعلُّم والتطوير، الذين يبنون ثقافة تعلُّم صحية في مكان العمل في منظمتهم:
1. شجِّع على التعلُّم النشط:
يؤدي منح السيطرة للناس إلى تعلُّم هادف طويل الأمد؛ لذا تأكد من أنَّ التعلُّم الرسمي الذي تقدمه متاح ويسهل الوصول إليه، وقدِّم مجموعة من البرامج التعليمية والمسارات المختلفة للوصول إليها، واسمح للموظفين بتخصيص مسارات التعلُّم الخاصة بهم وتطبيق ما تعلموه في العمل؛ فاعتماد نهج تعلُّم نشط، له فوائد عديدة تصب في مصلحة الفرد والمنظمة.
يقول باترك بول (Patrick Bowl) مدير التعلُّم والتطوير في شركة ورلد باي (Worldpay): "بصفتنا الفِرق المسؤولين عن التعلُّم، لا نعيِّن عدداً ضخماً من المدربين لتقديم هذه المعلومات؛ بل علينا التفكير في كيفية توسيع مستوى فِرق التعلُّم ليتمكنوا من استلام عدد أكبر من المتعلمين، وللتكنولوجيا دور في ذلك؛ ولكن نعتقد أيضاً أنَّ التعلُّم يجب أن يكون ذاتياً ومنظَّماً؛ فالسماح للأشخاص بقيادة تعلمهم للعديد من الموضوعات أمر هام للغاية كي نتمكن من التوسع والقيام بوظائفنا.
2. شجِّع على التعلُّم المستمر:
في الأعمال التجارية سريعة الخطى، والتي تتنافس فيها الأولويات على انتباهنا، قد يتراجع اهتمامنا بالتعلُّم أحياناً؛ فلا تدع التدريب يصبح عملية قائمة بذاتها، بل شجِّع على التعلُّم المستمر بنشاط وكافئ عليه؛ ولا يعني هذا مجرد الثناء على الأشخاص الذين يجدون الوقت للتعلم أو ترقيتهم؛ بل يتعلق الأمر بتشجيع الناس على أن يكونوا فضوليين، حتى لو لم يكن الأمر مرتبطاً مباشرة بمهامهم.
3. املأ فجوات المهارات:
أول خطوة هي وجود موظفين على استعداد للتكيف والنمو لتلبية احتياجاتك المتغيرة؛ فإذا كنت بصدد إنشاء ثقافة تعلم مستدامة في العمل، فعليك بدعم تعلُّم موظفيك، فعندما تحدد المنظمة الفجوات الناشئة في المهارات، يجب أن تكون مستعداً لتوفير مصادر التعلُّم التي يحتاجها موظفوك، ويتعلق الأمر بتحديد فجوة في المعرفة وتغيير بسيط في السلوك، والقدرة على جمع بعض المصادر والخبرات معاً بصورة هادفة من أجل تحقيق التغيير.
4. اجعل تجربة التعلُّم ممتعة واجتماعية:
عندما يشعر المتعلم بأنَّ عملية التعلُّم هي مجرد عمل روتيني، تقلُّ احتمالية احتفاظه بالمعلومات؛ لذا تأكد من ألا تكون ثقافة التعلُّم التي أنشأتها صارمة، ولا تقع في فخ عدِّ التعلُّم مجرد مهمة أخرى على الموظف الانتهاء منها.
يؤثر توفير المتعة في التدريب والتطوير تأثيراً إيجابياً في تحقيق اندماج الموظفين؛ فيمكن للتفاعلات خلال العمل، مثل دعم المديرين والدردشات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن تحافظ على حيوية عملية التعلُّم.
إنَّ الشراكة مع المدير، أو مع أي شخص يقدم الكوتشينغ للموظف بعد ذلك هامة للغاية؛ إذ يأتي كثير مما سيطوره هؤلاء المتعلمون مما تعلموه من خلال العمل أو التفاعل مع أقرانهم، وإنَّ المنصات الاجتماعية، مثل "يامر" (Yammer) أو "سلاك" (Slack)، أو حتى الدردشات ضمن برنامج "مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams) أو غيرها من الأدوات، مكان رائع لجمع الأشخاص معاً.
5. جرِّب وقيِّم وعدِّل:
تختلف كل منظمة عن غيرها؛ لذا جرب أساليب جديدة واكتشف ما ينجح منها مع موظفيك، ولا تعتمد فقط على إكمال التعلُّم الإلكتروني ومعدلات الحضور للفصول الدراسية الافتراضية بوصفها مقياساً لنجاح ثقافة التعلُّم، قيِّم جميع أنواع تجارب التعلُّم في بداية وخلال استخدامها، وإذا لم تحقق التأثير المطلوب، فعدِّل منهجك.
لا تحاول حل المشكلة تماماً؛ بل حاول فهم تفاصيل كافية من المشكلة لاتخاذ خطوة إلى الأمام، ثم قيِّم المستوى هذا، وأعِد تقييمه، واتخذ الخطوة التالية.
في الختام:
ثقافة التعلُّم الفعالة في العمل هي مفتاح نجاح المشاريع في عصر التغير المتسارع؛ إذ يتطلب إنشاء ثقافة التعلُّم تغييراً على جميع مستويات منظمتك، الأمر الذي لن يحدث بين عشية وضحاها؛ لذا قدَّمنا خمس نصائح هامة يمكنك من خلالها البدء في نشر ثقافة التعلُّم المناسبة في عملك.
شجع الجميع على القيام بدور نشط في تنمية أنفسهم، وشجع على التعلُّم المستمر وكافئ عليه، واحرص على توفير الوقت والأدوات والمصادر لجميع الموظفين لملء أي فجوات في مهاراتهم، واعتمد التعلُّم الاجتماعي للتأكد من أنَّ ثقافتك مستدامة، ولا تنسَ تجربة أساليب التعلُّم وتقييم نجاحك وتعديل نهجك لضمان أن تكون ثقافة التعلُّم في مكان عملك فعالة حقاً.
أضف تعليقاً