أفادت دراسة أجرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو (Harvard Business Review) أنَّ 70% من الموظفين يدَّعون أنَّهم لا يتقنون المهارات اللازمة لأداء وظائفهم، ويعتقد 25% فقط أنَّ التدريب يُحسِّنُ الأداء بصورة ملموسة، و12% فقط يطبِّقون المهارات الجديدة المُكتسَبَة في برامج التعلُّم والتطوير على وظائفهم.
لكنْ تبقى حقيقة أنَّ الموظفين يحتاجون إلى التعلُّم في أثناء العمل ليكونوا ناجحين في العمل، إذاً ما هي أفضل طريقة لتحسين الوضع؟ الخطوة الأولى لإصلاح المشكلة هي فهم سبب وجودها في الأساس.
كيف نتعلَّمُ في العمل اليوم؟
اليوم عندما يخضعُ الموظفون إلى التدريب يجري الأمر على شكل ندوات طويلة وشاملة أو مقاطع فيديو متعددة أو كتب تُطلَب قراءتها، وفي معظم الأحيان يصبحُ هذا المحتوى قديماً بسرعة ولا يُحدَّثُ بصورة متكررة.
لكنَّ طريقة تعلُّمنا في الواقع هي أقرب إلى مفهوم البحث عن المعلومات، ووفقاً لهذا النموذج سيحسب الأشخاص احتمالية أن يمنحهم المصدر الإجابة التي يبحثون عنها مقابل تكلفة الوقت التي سيستغرقونها للحصول على الإجابة من هذا المصدر؛ لذلكَ عندما يحتاج موظفوك إلى تذكُّر فكرة حصلوا عليها في التدريب، فهل من المُحتمَل أن يبحثوا عن تسجيل جلسة التدريب أو الفيديو؟ أم أنَّه من المُحتمَل أن يتوجَّهوا مباشرةً إلى شخص يمكنه الإجابة عن سؤالهم بسرعة؟
ينسى الموظفون بسرعة ما تعلموه:
أحد الأسباب الرئيسة لعدم نجاح التدريب التقليدي هو ما يُسمى بـ "منحنى النسيان" (Forgetting Curve)، وفي أواخر القرن التاسع عشر أجرى عالِمُ النفسِ الألماني هيرمان ابنغهاوس (Hermann Ebbinghaus) تجارب على الذاكرة، وسلَّطَتْ النتائج التي توصَّل إليها الضوءَ على مدى سرعة فقدان الدماغ للمعلومات الجديدة وصوَّرَتْ الطريقة التي يتلاشى بها التعلُّم مع مرور الوقت.
بمجرَّد أن نتعلم أمراً ما، يكون هناك انخفاض حاد في الاحتفاظ بالمعلومات إذا لم نعزِّز ما تعلمناه، ويمكن لمعظمنا أن نربط ذلك بحضور عرض تقديمي طويل أو دورة نظام إدارة التعلُّم (LMS) فقط لنكتشف أنَّنا نتذكر القليل من المعلومات في وقت لاحق.
من خلال البحث نعلمُ أنَّنا بحاجةٍ إلى تعزيز التعلُّم بانتظام لتجنُّب فقدان المعرفة، لكنْ كيفَ يبدو هذا التعزيز بالنسبة إلى منظمةٍ تحاول تعزيز موظفيها بالمعرفة التي ستساعدهم على تحقيق النجاح في وظائفهم؟
يختلف الأمر بين موقف وآخر، لكنْ تُوجَدُ خطوات ثابتة يُمكِنُنا اتِّخاذها لتحسين تجربة التعلُّم في العمل، ويُفضِّلُ معظم الناس التعلُّم بالممارسة، وأفضل وقت لتعلُّم هذه المعلومات هو عندما تكون ذات صلة ومطلوبة بالفعل، وبمجرد أن نتمكنَ من ربط التعلُّم بموقف في الواقع، يصبح من الأسهل استيعابه.
5 خطوات لتحسين التعلُّم في العمل:
إنَّ أكبر استفادة من البحث حول طريقة تعلُّمنا كبالغين هي أنَّه يجب تقديم المعلومات ذات الصلة عند الحاجة إليها، ومن هنا يظهرُ تأثير التعلُّم في الوقت المناسب.
يهدف التعلُّم في الوقت المناسب إلى تقديم أجزاء من المعلومات القابلة للاستخدام في الوقت الذي يحتاج فيه الموظف إلى استخدامها، وتذكَّرْ أنَّ البالغين يفضلون التعلُّم بالممارسة، ولأنَّنا جميعاً نجد صعوبة في التركيز الانتقائي؛ فنحن بحاجة إلى تقديم تلك المعلومات بطريقة غير مُربِكَة.
فيما يلي 5 خطوات يمكن أن تساعد على نجاح التعلُّم في العمل:
1. جعل التدريب ملائِماً وتقديمه في الوقت المناسب:
يرغب موظفوك في تعلُّم المعلومات التي ستساعدهم بالفعل، فركِّزْ في طريقة استفادتهم من المعلومات وكيف ستنجح في وظائفهم، ولماذا تستحق وقتهم الثمين. بدلاً من تقديم معلومات للموظفين الجُّدُد التي من غير المُحتمَل أن يتذكروها، حاولْ تقديم المعلومات عندما يحتاجون إليها فعلياً ضمن محتوى بسيط، ولدينا فترات تركيز محدودة، فكلَّما كانت المعلومات سهلة الاستيعاب، كان ذلك أفضل.
2. التفكير في قيمة وقت الموظفين:
ضع في حسبانك الراتب بالساعة للموظفين والوقت الذي يقضونه في التدريب اليوم، وإذا حسبتَ سعر الساعة مقابل ساعات التدريب، فما هي تكلفة فصولك التدريبية إذا كان الموظف لا يحصل على قيمة ولا يحتفظ بالمعلومات؟ وإذا شعر موظفوك بأنَّ التدريب مضيعة لوقتهم، فهذا الأمر أسوأ، ومن المحتمل أن ينشغلوا بإنجاز عدَّة مهام في أثناء حضور الدورة.
عندما تفكِّر في برنامج التدريب الخاص بك، احرَصْ على أن تكون الفائدة واضحة لموظفيك وبأنَّك تطوِّرُ التدريب الخاص بك، مع وضع أهداف محددة وقابلة للقياس في الحسبان.
3. إشراك الموظفين في عملية التعلُّم:
هل يشارك موظفوك بنشاط في التدريب أم أنَّهم غير فعالين؟ يُعَدُّ إشراك موظفيك في عملية التدريب أكثر فاعلية لأسباب عديدة؛ أولها احترام الأقران، وثانياً يتواصل زملاء العمل بصورة طبيعية مع بعضهم بعضاً بصورة أكثر مرونة من الإدارة العليا أو المدرِّب، وأخيراً والأهم من ذلك عندما يشاركُ موظفوك في العملية، فإنَّهم يتحملون مسؤولية النتائج.
4. الموازنة بين التعلُّم والاحتياجات المادية:
لكي يكون تدريبك ناجحاً، يجب أن يكون موظفوك مرتاحين عقلياً وجسدياً، فإذا كنتَ تستضيف تدريباً مباشراً مُكثَّفاً، فتأكَّدْ من توفير الكثير من فترات الراحة للدماغ، ووقت للمشي أو التمدُّد وتناول وجبات خفيفة صحية وتشجيع الجميع على شرب الماء والحفاظ على إماهة الجسم.
5. بناء برنامج التعلُّم الخاص بك باستخدام نهج متعدد الجوانب:
ستبقى حاجة موظفيك إلى صقل مهاراتهم وإعادة تكوينها هامَّة لنجاح فريقك، ولا سيما أنَّ مؤسستك تسعى جاهدة إلى تحقيق الازدهار خلال موجات التغيير غير المُتوقَّعة، لكنْ عندما يتعلق الأمر بالتعلُّم، فلا يوجد نهج سحري، وأفضل طريقة هي بناء استراتيجية تعلُّم متعددة الاستخدامات وواسعة النطاق لإفادة غالبية موظفيك.
في الختام:
قد تكون عملية التعلُّم في أثناء العمل مُعطَّلةً في أيامنا هذه، ولكنَّها يجب ألَّا تكون كذلك، فمن خلالِ هذه الخطوات الخمس يُمكِنُ للموظفين أن يكونوا أكثر اندماجاً واستعداداً للنجاح.
أضف تعليقاً