كيف نجعل أطفالنا أكثر قدرة على التفكير

التعلُّم عملية اجتماعيَّة مستمرة، وإن البيئة الغنية بمصادر التعلُّم ووسائله، والتي يوفرها مُعلِّم محبوب من تلاميذه تحدث تعلماً أفضل. وتقوم خلايا التفكير، والتي يشكل عددها (10%) من مجموع خلايا الدماغ، بوظيفة التفكير



محمود طافش

لعل الحقيقة التي ما زالت تحيّر العلماء إلى هذا الوقت هي آلية عمل الدماغ، على الرّغم من أنّ نتائج البحوث المعاصرة التي أجريت حول هذا الموضوع تدهش الألباب، وتنبئ بمستقبل أفضل للتربية والتعليم. فكيف تتم عملية التفكير؟ يرى علماء الدماغ أن التفكير هو عملية اتصال كهروكيميائية، تتم فيما بين العصبونات أو خلايا التفكير في مناطق الدماغ المختلفة، بقصد تبادل المعلومات حول موضوع ما. ويعرفون التعلُّم بأنّه "عملية تكوين ارتباطات بين مجموعة من العصبونات، وتكوين فجوات مجهرية، ومستقبلات للباعثات الكيماوية على الخيوط العصبونية".


وعندما يكتب الإنسان أو يتحدَّث فإن هناك رسائل تنتقل على هيئة نبضات كهربائيَّة داخل خلية التفكير، وتتحوَّل إلى أيونات كيماوية لا تلبث أن تنتقل إلى الخلية المجاورة لها، فإذا تعلَّم الطفل اسماً لكائن ما مثلاً، فإن الدماغ يكوّن ارتباطات حول طبيعة ذلك الكائن، فإذا رأى الطفل ذلك الكائن مرة ثانية، فإن الدماغ يسترجع تلك الارتباطات فيتعرَّفها. وتتوسع شبكة الارتباطات التي تتكون لدى الطفل بمقدار المعلومات التي يحصل عليها من خلال الوسائل المعينة والمتوافرة، فتقوى ويصبح التواصل بينها أسرع بتكرار المشاهدة، حيث تتكون طبقة دهنية تسمى "المايلين" تسمح للإشارات الكهربائيَّة بالانتقال عبر المحور الناقل للرسائل بسهولة.


وبناءً عليه، فإنّ التعلُّم عملية اجتماعيَّة مستمرة، وإن البيئة الغنية بمصادر التعلُّم ووسائله، والتي يوفرها مُعلِّم محبوب من تلاميذه تحدث تعلماً أفضل. وتقوم خلايا التفكير، والتي يشكل عددها (10%) من مجموع خلايا الدماغ، بوظيفة التفكير، ويفقد الإنسان آلاف الخلايا يومياً نتيجة لعوامل سلبيَّة عديدة، منها الإجهاد في العمل، والضغوط النفسيَّة المتواصلة، غير أن الخالق العظيم قد منح الدماغ القدرة على تعويض الخلايا التالفة.


إنّ الإنسان الذي يفكر في حلٍّ لقضية ما، يبذل طاقة من دماغه، وهذه الطاقة تتناسب طردياً مع نوع المسألة موضوع التفكير، فكلما كان التفكير إبداعياً كانت الطاقة المبذولة أكبر. والقضية موضوع التفكير تستدعي توليد طاقة كهربائيَّة في الدماغ لتحليلها، وتتحوَّل الطاقة المتولدة إلى نبضات تتحرَّك في خلايا الدماغ حتى تستقر في وسطه، حيث تصدر الأوامر إلى سائر مناطق الدماغ كلٌّ حسب وظيفته، وعندما تتحوَّل الطاقة الكهربائيَّة إلى كيماويَّة فإنها تملي على الإنسان سلوكه، فيكون نشيطاً مجتهداً أو كسولاً أو خاملاً.

ويزداد الذكاء بزيادة التعلُّم الذي يعمل على زيادة الارتباطات بين خلايا التفكير، وهذه الارتباطات هي التي تساعد المُتعلِّم على إدراك الأشياء من حوله، وحل مشكلاته، ومن ثمَّ يتسع نطاق عقله، ويزداد ذكاؤه فتزداد قدرته على التعلُّم.

 

تكامل دور البيت والمدرسة في تعليم التفكير:

تتعاون المدرسة والبيت لتعليم الأطفال التفكير، ويقوم كل طرف بدوره، ومهمة البيت تكون أولاً، لأنَّ عناية الأم بوليدها تبدأ منذ تكوينه في رحمها، إذ أنّ عليها أن تتخلى عن العادات السيئة التي قد تلحق الأذى بجنينها مثل المسكرات والتدخين وبعض الأدوية، وأنّ تجتنب الانفعالات الحادة وسائر الضغوط النفسيَّة، لأنها تؤثر في بناء دماغ الجنين، تلك الآلة الباحثة باستمرار عن المعرفة، وهذه الآلة في حاجة إلى أشياء يتعرَّفها الطفل، فإذا لم توفر له هذه المعينات فإنه سيتخلص تلقائياً من مهارات الارتباطات التي لم يستطع توظيفها في التعلُّم، وذلك لنقص الوسائل المتاحة ومصادر المعرفة، بسبب ضيق ذات اليد أو للجهل بأهميتها.

وقد توصّل "بيتر لوشر" إلى أنّ دماغ الجنين ينمو بسرعة فائقة في الأشهر الأربعة الأخيرة من فترة الحمل، وتتكون خلاياه بمعدل ربع مليون خلية في الدقيقة الواحدة.


وبعد أن يُولَد الطفل يبدأ بالنمو الجسمي والعاطفي فيحصل على غذائه الكامل من حليب والدته، لكن حاجته إلى النمو الوجداني تكون أقوى، حيث يتشكل ذكاؤه العاطفي في السنة الأولى من عمره، ويتكامل في السنوات الثلاث الآتية، فهو في حاجة إلى وعي الوالدين وجميع أفراد الأسرة بهذه الحقيقة، لأنه يتعلَّم منهم السرور والحزن، ويكتسب منهم القيم، ويبني وجدانه من خلال تفاعله معهم خلال هذه السنوات الأربع، وهذه الحقيقة قد هدت الوالدين المستنيرين والمقتدرين إلى أن يوفروا لأبنائهم بيئة غنية بمصادر المعلومات والمثيرات التي من شأنها أن تكيّف دماغه بطريقة مدروسة ومُنظَّمة، وتساعده على زيادة قدرته على التفكير والتعلُّم. وتؤدي العوامل الوراثيَّة والألعاب المتاحة له دوراً مهماً في تشكيل بنائه العاطفي، فإذا تم هذا التشكيل بصورة سويّة، فإن الطفل سيغدو مهيّأً لقبول التعلُّم في المدرسة. فكيف يتعلَّم المولود في سنواته الأولى؟

 

يزحف الطفل على يديه ورجليه بحثاً عن أشياء ليتفحصها ويتعرَّفها بالنظر إليها أو بوضعها في فمه، فتتكوَّن تبعاً لذلك ملايين الارتباطات الدماغية، وتتكون المواقع البصرية الخاصة بتمييز الألوان والأصوات، وبإدراك الأعماق، وبالإحساس بالحركات، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يسمع الطفل من الأصوات ما يمتعه، وأن يرى ويلمس من المحسوسات ما يحبه.

 

وقد توصلت "باتريشيا كوهل" الباحثة في جامعة واشنطن إلى أنّ "الأطفال الرضع يطورون في السنة الأولى من عمرهم خريطة للخلايا العصبيَّة سريعة الاستجابة وهي خلايا حساسة للمثيرات السمعية على القشرة الخارجية للدماغ، وتوجد على دوائر القشرة السمعية الخارجية للدماغ خلايا ومستقبلات خاصة فيما يمكن تسميته الأثر الباقي للأصوات بعد زوالها. وتتكون من هذه الآثار الخريطة السمعية التي تبقى بعد سماع الأصوات المُبكِّرة، وتعزى إلى هذه الآثار سرعة تعلُّم الطفل للهجة المحليَّة وللغة الأم" فسبحان الله أحسن الخالقين. وكلما كانت المواد المتاحة أكثر كان عدد الارتباطات المتكونة أكثر. ومنا هنا برز الأثر السلبي للمبالغة في حرص بعض الوالدين على أطفالهم بإبعاد كثير من الأشياء عن متناول أيديهم بدعوى عدم إلحاق الأذى بأنفسهم، وهم لا يدركون أنّه سيكون لعملهم هذا آثار سلبيَّة جمة على تعلُّم أبنائهم القراءة والكتابة في مراحل لاحقة.

 ومن العوامل المساعدة على تنمية قدرة الدماغ على التعلُّم والتذكر نوعيَّة الطعام الذي يتناوله الأطفال، حيث يرى خبراء التغذية أن تناول الخضراوات والفواكه والأسماك واللحوم الخالية من الدهون تساعد على التعلُّم، لاحتوائها على عناصر يطلبها عمل الدماغ مثل البوتاسيوم والسيلينيوم وغيرها، إضافة إلى حاجته الدائمة إلى الماء، لأنّه يعمل على تنشيط الدماغ. ولهذا تسمح بعض المدارس الناهضة للأطفال باصطحاب قوارير المياه معهم باستمرار. كذلك فإن إفراغ المثانة والتخلص من الفضلات باستمرار يجعل الدم يصل إلى الدماغ خالياً من الأملاح والشوائب فتزداد كفاءته، في حين أن بقاء هذه السموم في جسم الإنسان يعيق عمل خلايا الدماغ، مما ينعكس سلباً على قدرتهم على التعلُّم والتفكير، لذلك فإن المُعلِّمات المستنيرات يسمحن للأطفال بالخروج إلى دورة المياه إذا تأكدن من حاجتهم إليها، ومن هنا أيضاً برزت الحاجة إلى الاستراحة بعد كل حصتين دراسيتين.

 

وتُؤكِّد بعض الدراسات على أن البيئة المدرسيَّة الإيجابيَّة تمكن الدماغ من زيادة شبكة الارتباطات الدماغية بنسبة (20%)، وأن المجتمع المدرسي السلبي يقلل قدرة الدماغ على إنتاج الارتباطات بنسبة (20%) كذلك.

 

أثر البيئة والوراثة:

اختلفت وجهات نظر الباحثين التربويين وعلماء النفس إلى أثر كل من البيئة والوراثة في قدرة الأطفال على التعلُّم، فمنهم من جعل الأثر الأوفر لعوامل البيئة، ومنهم من رأى أنّ لعامل الوراثة، ولدرجة تعليم الوالدين والخال الدور الأكبر، لكنهم اتفقوا على أنّ لكل من الوراثة والبيئة دوراً مُحدَّداً في قدرة الطفل على التفكير، وفي قبوله للتعلُّم، غير أن التربية الحديثة تركّز عنايتها على البيئة العلميَّة وآثارها على الدماغ الذي هو آلة التعلُّم، وهو موضع عنايتها واهتمامها، وهي تتعامل مع هذه القضية على مرحلتين:

  1. توفير أسباب الأمن والطمأنينة والجذب في بيئة التعلُّم.
  2. تزويد بيئة التعلُّم بالوسائل المعينة المناسبة لكل مرحلة.

 

وقد أثبتت دراسات عديدة من أبرزها دراسة "هيلي" (Healy 1990) أن للبيئة الغنية دوراً ملموساً في تكوين ارتباطات عالية بين العصبونات في الدماغ وجعل قشرته الخارجية أكثر سماكة وقوة، مما يترتَّب عليه قدرة أفضل على التعلُّم، فتزداد تشعبات الخطوط العصبونية والفجوات المجهرية.


وتعد قدرة المناهج الدراسيَّة على تحدّي عقل المُتعلِّم من أبرز مُكوَّنات البيئة المدرسيَّة الغنية، يضاف إليها التحديث المستمر للمواد الدراسيَّة والأساليب التعليميَّة المتبعة كالتعلُّم الزُّمري أو المشروعات أو اللعب، وكذلك الوسائل المعينة المُتطوِّرة كالحاسب الآلي والمحاضرات والرحلات، وكذلك تبديل استراتيجيات التعليم بما يتناسب مع طبيعة المحتوى الدراسي وقدرة التلاميذ على الاستيعاب.

 

ومن مُكوَّنات البيئة المدرسيَّة الغنية كذلك، قدرتها على توليد تغذية راجعة (feedback) لدى المُتعلِّمين، وتوظيف وسائل التعزيز لأفعالهم وأقوالهم وتمكينهم من التفاعل مع المجتمع والتكيُّف مع عناصره، وكذلك تخفيف الضغوط العصبيَّة التي يتعرَّضون لها فيشعرون بالسعادة والارتياح، لأنهم يجدون من يقدر إنجازاتهم، فيستمتعون بدراساتهم، ويقبلون عليها بشغف.

 

ويتكوَّن المحتوى المادي للبيئة الغنية من مجموعة أخرى من العناصر أهمها:

  1. القراءة للطفل أو سرد قصص له وأخبار تتحدى قدراته وتحفز دماغه، فتزداد قدرته على تكوين الارتباطات خصوصاً المتصلة منها بالخلايا العصبيَّة السمعية، ويتكوَّن لديه استعداد لتعلم القراءة ثم الكتابة بعد ذلك.
  2. التعامل والمشكلات، حيث تقوم المُعلِّمة بتعريض الطفل لمشكلات تتحدى تفكيره، ويُطلب منهُ حلّها فينمو تفكيره، وتتسع شبكة الارتباطات في دماغه، وكلما كانت المشكلات متنوعة كلما كان أثرها على توسيع شبكة الارتباطات أفضل.
  3. الرياضة البدنيَّة، وهذه بدورها تساعد على تقوية الدماغ، وقديماً قالوا "العقل السليم في الجسم السليم". وقد دلت دراسات حديثة قام بها "بالمر" (Palmer) أن الحركات الرياضيَّة تنبه الخلايا العصبيَّة، وتنمي الارتباطات الدماغية خصوصاً في منطقة الدماغ الخاصة بالحركة.

 

وبيئة التعلُّم بوجه عام تترك آثاراً إيجابيَّة أو سلبيَّة على العملية التعليميَّة التعلميَّة، فإن كانت هذه البيئة غنية بالمؤثرات، قائمة على التفاعلات الإيجابيَّة التي تتسم بالود واللطف والاحترام المتبادل، فإنها بالتأكيد ستترك آثاراً إيجابيَّة على شخصيَّة الطفل، وأما إن كانت قائمة على الإرهاب والتهديد والوعيد والفوقية والتواصل المقطوع فإنها ستترك آثاراً سلبيَّة على نفسه، ومن ثمَّ فإن مردودها سيكون مدمراً. ومن العوامل السلبيَّة التي تترك آثارها على قدرة الأطفال على التعلُّم والتفكير:

 

  • الضغوط النفسيَّة الزائدة:

حيث يؤدي ازدحام المواد الدراسيَّة بالمحتوى وكثرة الاختبارات والواجبات إلى الإجهاد وعدم الاستقرار النفسي، وفي هذه الحالات فإنّ الغدد في جسم الطفل تفرز المزيد من مادة "الكوريتسول"، والتي تؤدي كثرتها إلى موت بعض الخلايا الدماغية التي تساعد على التذكر.
وقد أشارت أبحاث قام بها عدد من الباحثين من أمثال "غازانيا" (Gazania) إلى:

  1. أنّ الخوف يؤدي إلى إضعاف قدرة الطفل على التذكر.
  2. أنّ شعور الطفل بالذل والمهانة يقلل من قدرته على التفكير ويقلل من انتباهه وتواصل مع مُعلِّمته.
  3. أنّ الإجهاد يقلل من إمكانية الاحتفاظ بالمعلومات فترة طويلة.

 

  • سوء معاملة المُعلِّمة للطفل:

بالنقد اللاذع أو السخرية أو التجريح الذي يشل قدرته على التفكير، ويجعله غير مبالٍ بالسقوط، وهذا الشعور أيضاً قد يولد لدى الطفل نزعة عدوانية تجاه زملائه ليداري بها شعوره بالنقص، وقد أشارت دراسة قام بها "تريس" (Trice) إلى أنّ شعور الطفل بالعجز يولد لديه غضباً، ويشعره بعدم الطمأنينة، ويسبب له الحزن، ويجعله انطوائياً.

 

كذلك، فإن شعور الطفل بالعجز يترتَّب عليه آثار سلبيَّة تحول بينه وبين القدرة على التفكير السّوي، لذلك فقد اجتهد علماء النفس في البحث عن وسائل من شأنها أن تساعد الطفل المحبط على التخلص من شعوره بالعجز، ومن أبرز هذه الوسائل:

  1. توعية أولياء الأمور وتبصيرهم بالآثار السلبيَّة التي تترتَّب على سوء معاملتهم لأطفالهم، والمتمثلة بالقسوة عليهم، أو السخرية منهم، وتوجيه الألفاظ البذيئة والعبارات المحبطة إليهم.
  2. تمكين الطفل من تحقيق نجاحات كثيرة تساعد على طمس آثار الإحباط لديه وإثارة قابليته للتعلُّم بشتى أساليب التعزيز.
  3. إشراك الطفل في ألعاب رياضيَّة وأنشطة ترفيهية كالمسابقات والمسرحيات والرحلات، كذلك فإن التهديد سواءٌ كان من المُعلِّم أو من الزملاء فإنه يتسبَّب في إضعاف قدرة التلميذ على التفكير.


وتترك الحوافز آثاراً إيجابيَّة على قدرة الدماغ على التفكير، ومن ثمَّ تعمل على زيادة قابليَّة الطفل للتعلُّم. ويعد النجاح الذي يحققه الطفل أقوى الحوافز التي تثير قابليته للتفكير، حيث إنّ شعوره بالسرور بعد نجاحه في حل مسألة ما يدفعه إلى العمل من أجل تحقيق نجاحات أخرى، وهكذا فإنّ النجاح يقود إلى نجاح آخر.

 

ومن العوامل التي تساعد على إثارة قابليَّة المُتعلِّم للتعلُّم ما يأتي

  1. ثقة الطفل بنفسه وبمُعلِّمه.
  2. وضوح الهدف واقتناع الطفل بجدواه.
  3. العلاقة الطيبة بين الطفل ومُعلِّمه.
  4. الوسائل المعينة المثيرة كالحاسوب وما يتطلَّب من برامج.
  5. أسلوب التعليم المرن الملائم للهدف، والقائم على التفاعل المُنظَّم، والتواصل مُتعدِّد الاتجاهات.
  6. طبيعة التغذية الراجعة التي يحصل عليها الطفل.
  7. مدى حريَّة الطفل في اختيار المادة التعليميَّة والأنشطة المصاحبة لها.
  8. القدرة على توظيف مهارات التفكير الإيجابي.

 

وتُعَدُّ حالة اللامبالاة التي تعتري بعض التلاميذ ظاهرة مرضيَّة تستدعي العلاج قبل أن تستفحل وتتنامى آثارها السلبيَّة. ولعل أساليب التدريس التقليديَّة التي يوظفها بعض المُعلِّمين تعد من أبرز عوامل انصراف التلاميذ عن الحصة، وشعورهم بعدم الرغبة في التعلُّم، يليها مباشرة فقر البيئة التعليميَّة والتي من أبرز مظاهرها قلة الوسائل المعينة الحديثة، وعدم صلاحية المبنى المدرسي، وتوتر العلاقات بين أطراف العملية التعليميَّة التعلميَّة في المجتمع المدرسي.

 

العواطف والتفكير

أثبتت دراسات معاصرة عديدة وجود علاقة إيجابيَّة بين العواطف الإنسانيَّة وزيادة القدرة على التفكير، وأنه لا يوجد تعارض بين الوجدان والمنطق، حيث تؤدّي العاطفة دوراً في تحفيز المنطق لتحقيق الأهداف المُحدَّدة في الخطة، كذلك فإن عواطف الفرح والسرور لها دور مهم في صفاء ذهن الطفل، ويترتَّب عليها زيادة قدرته على التفكير السليم، ولذلك فإن علماء النفس ينصحون بضرورة تجنب إثارة العواطف السلبيَّة لدى الطفل مثل: الخوف والغثيان لأنّها تحد من القدرة على التفكير. وكذلك فإنّهم يحذرون الوالدين والمُعلِّمين من إثارة العواطف الجياشة سواء أكانت عاطفة فرح أم عاطفة خوف، لأنها تولد تفكيراً عشوائياً لا يستند إلى أسسٍ متينة.

غير أنّ العاطفة السامية التي يدعون إليها ويحثون المُعلِّمين على العمل من أجلها هي محبّة التلاميذ لمُعلِّمهم، لما يترتَّب عليها من بناء مجتمعٍ مدرسي سليم يتدرب فيه المُتعلِّمون على ممارسة مهارات التفكير الإبداعي.

 

كيف نجعل أطفالنا أكثر قدرة على التفكير

محمود طافش