وبعد فترة دار حديثٌ بيني وبين أحد الزملاء وهو وكيل مدرسة حول هذه الحادثة فقال: قد حصلت لي حينما كنت مُدرِّسا حادثةٌ طريفة تبين دقة مراقبة الطلاب لمُدرِّسيهم حيث تعودت في نهاية كل عام دراسي عمل استبيان للطلاب عن طريقة تدريسي وملاحظاتهم حول شخصي الضعيف فتأتيني ملاحظاتٌ دقيقةٌ جداً في أمور لم أكن أُلقي لها بالاً، ومن ذلك أن طالباً كتب قائلاً: يا أستاذ إنّك تدخل الصفّ وغترتك غير مُنظَّمة أتمنى أن تكون غترتك مُنظّمة فهذا أليق بك.
يقول: فضحكت لأني فعلا كنت أُلقي بطرفي الغترة فوق رأسي بدون عناية فتتراكم فوق رأسي كل مرة بأشكال مختلفة كأشكال السحاب في السماء ولما كنت تعودت هذه الطريقة فلم يكن يخطر ببالي أن عين هذا الطالب مركزة على هذه الغترة في أثناء الدرس وأنها ستكون جديرة بأن يسجلها ملاحظة للمُدرِّس.
ولا شكّ في أنّ حسن السّمت والمظهر من آداب الإسلام فقد أورد الإمام ابن حجر في فتح الباري قول النبي صلى الله عليه وسلم (أنّ حسن السمت والتؤدة جزءٌ من ست واربعين جزءاً من النبوة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر مدير المدرسة وهو مُرَبٍّ فاضل: قائلاً لقد كنت وأنا طالب أراقب مُدرِّساً أنيقا في ملابسه معتنيا بها حتى كنت أراقب جزمته الجميلة وكنت أتمنى أن البس مثلها في يوم ما.
وحدثت أيضاً مُدرِّساً معيّناً هذا العام بقصة الساعة فأشار إلى يده وقال: إني ألبسها أيضا في يدي اليمنى كما كان يلبسها أستاذي وأشار إلى الرجل الجالس أمامه فابتسم الرجل وأبرز يده اليمنى فظهرت الساعة.
فهل أدركت أيها المربي الفاضل في أي درجة أنت تحت مجهر أعين الطلاب بل وربما سائر أفراد المجتمع.
كتبه هاشم محسن باصرة
المصدر: مجلة المقالات
أضف تعليقاً