كيفية استخدام التيسير في الصف التدريبي
دعونا نلقي نظرة على التقنيات والأساليب التي عليك تقديمها في خطط جلسات التدريب، وهناك أربعة مجالات رئيسة لتجربة التدريب التي يمكن أن تستفيد بالتأكيد من إضافة مهارات التيسير، بدءاً من تلك التي تركز على كل متدرب على حدة إلى تلك التي تستفيد من طاقة المجموعة بأكملها:
1. استخدام أدوات التيسير لزيادة التحفيز والمشاركة الفعالة
يركز المدربون على المحتوى، فمن الضروري نقل المفاهيم والمعلومات والخبرات إلى المتدربين، ولكن هل سبق أن سألت "هل هناك أية أسئلة؟" في نهاية عرض تقديمي أُعِدَّ بعناية فائقة، فقط لتواجه جداراً من النظرات الخاوية؟
هذا لا يشعرك بالرضى، ولا يعطيك أية فكرة عن كيفية تجربة المتدربين لجلستك، ربما يكونون في حالة تأمل عميق، أو مشتتين تماماً، ولا يوجد لديك أية وسيلة لمعرفة ذلك، وتزداد الأمور سوءاً من خلال الإنترنت، خصيصاً عند إيقاف تشغيل الكاميرات.
فيما يأتي ثلاث استراتيجيات على الميسرين تطبيقها في الصف التدريبي لتحسين مشاركة المتدربين وتفاعلهم:
- الاتفاق مع المتدربين على أنَّه لا بأس بطرح الأسئلة، حتى لو اعتقدوا أنَّها أسئلة غير وجيهة.
- إجراء نشاطات تحضيرية حول التحفيز الشخصي قبل بدء جلسة التدريب: لماذا أنت مهتم بهذا الموضوع؟ لنفترض أنَّك لست مهتماً، فما الذي لا يثير اهتمامك؟
- تقسيم المتدربين إلى فِرق، وتكليفهم بعمل جماعي على المشروعات والتحديات العملية، والطلب إليهم إيجاد طرائق لربط المعلومات المقدمة في الجلسات بمواقف الحياة الواقعية.
يعمل ميسرو التدريب مع البالغين والشباب لا مع المراهقين؛ لذا فإنَّ عدداً من مبادئ التيسير والتدريب مستمدة من المعرفة المتعلقة بتعليم الكبار؛ إذ يطبِّق الميسرون والمدربون مبادئ تعليم الكبار مثل: "يحتاج المتدربون البالغون إلى نهج متنوع"، و"إشراك المتدربين البالغين من خلال دراسات الحالة الواقعية"، وفيما يأتي بعض الأشياء التي يقوم بها الميسرون والتي يمكن أن تزيد المشاركة والتحفيز في الصف التدريبي:
- تحديد الأهداف والنوايا الفردية: ادعُ المتدربين للتفكير بفردية وكتابة ما يريدون تعلمه قبل تقديم موضوع جديد، وما قد يجدونه مثيراً للاهتمام والسبب وراء ذلك.
يجب التأكيد على أنَّ مثل هذه "المفكرات التدريبية" يجب أن تظل شخصية، أو تُشارَك فقط إذا رغب المتدربون في ذلك، وألَّا تُقيَّم، فإذا كنت ترغب في إضافة مستوى إضافي من المساءلة، أبلِغْ المتدربين أنَّه في نهاية الدورة التدريبية، سيُطلب إليهم تقديم رأيهم بتجربة التدريب استناداً إلى مفكراتهم التدريبية. - أساليب ونشاطات مختلفة؛ يعرف الميسرون أنَّ مدى الانتباه قصير، ويحافظون على سير الأمور من خلال مزج أنماط وأنواع مختلفة من النشاطاتة والتوفيق بينها؛ لذا اجمع بين لحظات التفكير الفردي واللعب والإبداع والعمل الجماعي والمحاضرات، واستخدِم ممارسات التعليم النشط التي تشغل الحواس.
2. تقنيات التيسير التي تساعد المتدربين على تعلمهم الفردي
يستفيد ميسر ورشة العمل الماهر من أساليب التعلم المختلفة للمشاركين لتوفير أكبر عدد ممكن من الفرص التي يستوعب فيها المشاركون فجأة معرفة جديدة أو فكرة جديدة، واستلهاماً لهذا النهج، يستفيد المدربون من مبادئ ونشاطات التيسير لدعم المتدربين في دمج المعلومات من جلسات التدريب وفهمها واستيعابها.
يضمِّن المدربون والميسرون قسماً لاستخلاص المعلومات من النشاطات مهما كان مجالهم، وهذه فرصة للمشاركين للتأمل في تجاربهم أو في المحتوى المقدم والتفكير فيه والمناقشة واستخلاص استنتاجاتهم المخصصة، فلا ينبغي لك التشكيك في أي من النظريات المقدمة، مهما كانت خيالية، ولكن يمكنك التوجه بلطف لمناقشة النقاط الرئيسة والنتائج التي تريد التأكد من أنَّ المتدربين قد فهموها.
تتضمن بعض نشاطات التيسير التي يمكنك استخدامها لمساعدة المتدربين على دمج المفاهيم الجديدة في تعلمهم ما يأتي:
- 1-2-4-الكل: استخدِم هذا النشاط التيسيري الجيد لتوجيه التفكير بعد تقديم المحتوى، واطلب من المتدربين أن يكتبوا بفردية، ثم في أزواج، ثم في مجموعات صغيرة، وأخيراً الصف بأكمله ما تعلموه اليوم.
- إعداد ثلاثة أسئلة رئيسة قد تنشأ عن المحتوى: ضَعْها على لوحات في ثلاثة أركان من الصف، واطلب من المتدربين مناقشة الأسئلة في مجموعات صغيرة وتغيير الطاولة كل بضع دقائق.
- جدار الملاحظات اللاصقة: عندما يغادر المتدربون الغرفة، اطلب إليهم إضافة ملاحظة لاصقة إلى ملصق تحتوي على سؤال حول "ماذا تعلمت اليوم؟" "ما هي الأسئلة التي تُطرَح؟"، واسمح بالمساهمات دون ذكر الاسم، وجهِّز الدرس التالي بناءً على الملاحظات التي تجمعها.
3. نشاطات التيسير التي تعزز التماسك في الصف التدريبي
"من أنا في هذه المجموعة؟" هو السؤال الذي يشغل بال المشاركين عند بدء أية عملية تدريب، ولا يمكن تعلم أي شيء حتى يُجاب عن هذا السؤال؛ لأنَّ نشاطات وألعاب التعارف هي الطريقة التي يجب أن يبدأ بها المدرب الدورة التدريبية، ويجب أن تكون هذه النشاطات خفيفة، ولكنَّها تتحدى المتدربين أيضاً للذهاب إلى مستوى أعمق.
بالتالي يمكنك توزيع المتدربين في أزواج أو مجموعات صغيرة من 3-4 (أقل إثارة للقلق) للإجابة عن بعض الأسئلة الشخصية، مع الإشارة إلى أنَّه يمكنهم التعمق أكثر أو البقاء ضمن المستوى العام وفق مدى شعورهم بالارتياح، وأنَّهم لن يشاركوا مع المجموعة الكبيرة ما لم يرغبوا في ذلك.
يخلق التيسير شعوراً بهوية المجموعة داخل الصف التدريبي، فيمكن للنشاطات، مثل إنشاء اتفاقات المجموعة، وشعار المجموعة، أو ملصق أو هتاف، أن تكون طرائق مرحة لمناقشة "من نحن بوصفنا مجموعة" ورفع الطموحات إلى "من نريد أن نكون في هذه المجموعة؟"، فقد يكون الملصق الذي يحتوي على الكلمات المفتاحية والقيم والسلوكات التي نريد الالتزام بها ككل رسالة تذكير رائعة لهذه المناقشات، ويجب دائماً التعاون في إنشائه، فهو غير مجدي إذا فرضه المدرب.
4. إفادة المتدربين من خلال التعاون ومهارات التواصل
تؤدي نشاطات العمل الجماعي دوراً كبيراً في التدريب؛ لأنَّ معرفة كيفية العمل مع الآخرين والوصول إلى الأهداف المشتركة بفعالية هو أمر أساسي، ومع ذلك، يشكو عدد من المتدربين من قلة التوجيهات أو عدم وجودها عند العمل في مجموعات، مما يؤدي إلى ديناميكيات غير متوازنة تشبه تلك التي تواجهها الفرق غير المتعاونة، فيتولى المتدربون المتحمسين جميع العمل، بينما يكتفي الآخرون بالمراقبة، فقد يكون من السهل التعاطف مع المتدربين المجتهدين، ولكن قد يشعر المتدربون الذين لم يشاركوا بأنَّ رأيهم في المهمة غير مقدَّر.
يحسن التيسير المسؤولية المشتركة عن المشروعات، ويخلق التفاهم، ويحافظ على مساءلة جميع أعضاء الفريق، فمن خلال مشاركة أدوات التيسير مع المتدربين في وقت مبكر، يمكن للمدربين توجيههم للعمل الجماعي الفعال، فيُطلب من المتدربين مناقشة النوايا وتحديد الأدوار ووضع القواعد قبل البدء في العمل.
شجِّعْ المتدربين قبل بدء العمل الجماعي على طرح أسئلة من قبيل: ما هي نيَّتنا اليوم؟ أين نريد أن نصل في هذا المشروع عندما تنتهي جلسة التدريب (النتيجة المرجوة)؟ ما الذي سنعمل عليه (جدول الأعمال)؟ من سيفعل كذا (الأدوار)؟ هل نحتاج إلى وضع أية قواعد؟ وكم من الوقت لدينا؟
يقود المدرب الذي يؤدي دور الميسر المجموعات في نشاط عند تقديم نشاطات جماعية جديدة لضبط النية قبل البدء؛ لذا اطلب من كل مجموعة أن تتناوب في جولات لمناقشة بعض الأسئلة، مثل "ما الذي يثير حماستي حول هذا المشروع؟"، "ماذا يمكنني المساهمة به؟"، "ما الذي يساعدني على العمل جيداً؟" "كيف سنتعاون لإنجاز المهام؟" وامنح كل عضو في الفريق وقتاً للتحدث وللمشاركة بنشاط.
لا توجد معلومات يقدمها المدرب أو الميسر فعالة، مثل المعلومات أو المعرفة المشتركة بين الأقران؛ لذا استفد من هذا الجانب الإنساني للغاية من التواصل مع الأقران من خلال إجراء جولات يقدم فيها الأقران النصائح، وبعد أن تعمل الفرق معاً في مشروع ما، اطلب من كل مجموعة مشاركة نصيحة واحدة لديهم للآخرين: ما الذي يعمل جيداً في مجموعتنا والذي قد ترغب في القيام به أيضاً؟ يبني هذا النوع من الممارسة الثقة ومهارات التعاون في الصف التدريبي بأكمله.
كيف يجعل التيسير التدريب من خلال الإنترنت جذاباً
إليك ثلاث طرائق يمكن أن يُنشِئ بها التيسير دورات تدريبية رائعة من خلال الإنترنت:
1. التدريب القائم على المجموعات
يكون إنشاء مجموعات صغيرة من المتدربين الذين يتابعون الدورة معاً معزِّزاً قوياً للدافع، ويقلل معدلات التسرب، فيستفيد الميسرون من خبراتهم في إنشاء ودعم المجموعات الفعالة، ويطبِّقوها في الصفوف التدريبية من خلال الإنترنت، فيمكن وضع المتدربين في مجموعات صغيرة تتراوح من 7 إلى 9 مشاركين، مع منحهم الحرية لاستكشاف المواد ومناقشة الأمور الشخصية.
كما يمكن للميسرين المشاركة في الجلسة الأولى للمجموعة، ووضع القواعد الأساسية، ومساعدتهم على تحديد مواعيد اجتماعاتهم من خلال الإنترنت.
قد يحضر جميع المتدربين في الوقت نفسه بإعدادات مختلفة، ولكن ما يزال بإمكانك تمكين التدريب القائم على المجموعات من خلال وضعهم في مجموعات فرعية، وتوفير نموذج للنشاط في كل مرة، ومن الممارسات الجيدة الأخرى تخصيص 10 دقائق في نهاية كل جلسة لهذه المجموعات لمناقشة الجلسة واستخلاص المعلومات منها.
2. الحفاظ على الطاقة
يستخدم الميسرون محفزات افتراضية، ومجموعات صغيرة، وفواصل زمنية للحفاظ على اندماج المتدربين طوال الدورة التدريبية، فيصممون جداول زمنية تلبي مختلف أساليب التعلم، وفي التعليم من خلال الإنترنت، يجب استخدام مزيد من الفواصل الزمنية، وتشجيع المتدربين على الابتعاد عن الشاشة واستكشاف العالم الحقيقي، ثم العودة لمناقشة تجاربهم مع المدرب.
3. التواصل غير المتزامن
يدرك الميسِّرون أنَّ عملية التدريب تبدأ من الدعوة الأولى لحضور ورشة العمل، وتستمر حتى بعد انتهاء الجلسة، ويمكن نقل هذه المعرفة إلى الصفوف التدريبية من خلال الإنترنت عن طريق الاهتمام بالعلاقة بين المدرب والمتدرب، فيتواصل المدرب مع المتدربين بانتظام، ويُرسِل المواد التدريبية، ويطلب التغذية الراجعة، بالتالي يمكن استخدام أدوات، مثل البريد الإلكتروني، والفيديوهات، والاختبارات، وغيرها من الوسائل الإبداعية لتعزيز التواصل والتفاعل.
اجعل نشاطاتك التدريبية بسيطة وسهلة، مع مراعاة تنوع احتياجات المتدربين، فمن الضروري أن تكون التعليمات واضحة وسهلة الفهم، فيصرف جميع المتدربين النظر عن التحديات التي يواجهونها، ويشاركون بفعالية.
تواصَلْ مع المتدربين واستشرهم حول خياراتهم المفضلة في تلقي التعليمات، فقد يفضل بعضهم الحصول على التعليمات مكتوبة، بينما قد يجد آخرون أنَّ سماعها شفوياً أكثر ملاءمة لهم، فمن خلال أخذ آرائهم في الحسبان، يمكنك تكييف أسلوبك التدريبي ليلائم احتياجاتهم الفردية.
عندما تجعل نشاطاتك بسيطة وسهلة وتراعي احتياجات جميع المتدربين، ستخلق بيئة تعليمية شاملة، فيشعر الجميع بالتشجيع للمشاركة.
في الختام
قد يكون التيسير المكوِّن السري الذي تبحث عنه لحل التحديات المتعلقة باندماج المتدربين، والديناميكيات الصعبة في الصف التدريبي، أو لجعل خطط جلسات التدريب أكثر تأثيراً، فالتيسير نهج قائم على المشاركة والتعاون، ويوفر بيئة تدريبية ديناميكية ومحفزة، فمن خلال تطبيق تقنيات التيسير، يمكن للمدربين والميسرين تحسين المشاركة والتفاعل بين المتدربين، وتعزيز التفكير النقدي، وتشجيع التعلم النشط.
يحسن استخدام التيسير في الصف التدريبي تجربة التدريب، ويجعلها أكثر متعة وإثارة للاهتمام، فهو يتيح للمتدربين فرصة المشاركة في عملية التدريب، واكتساب المهارات اللازمة للتعاون والعمل الجماعي.
لذا إن كنت تواجه صعوبات في إدماج المتدربين، أو ترغب في جعل جلساتك التدريبية أكثر تأثيراً، استكشِفْ عالم التيسير، فمن خلال تطبيق هذه المبادئ والأدوات، توفر بيئة تدريبية ديناميكية، وتطور مهارات المتدربين، وتجعل عملية التدريب تجربة لا تُنسى.
أضف تعليقاً