تُعد الألعاب التدريبية طريقة رائعة لإدماج المتدربين في أنشطة تفاعلية تساعد في تسهيل عملية التعلُّم. نستعرض في هذا المقال، مجموعة من الأنشطة التدريبية إلى جانب نصائح لإدماج المتدربين.
ما الألعاب والأنشطة التدريبية؟
الألعاب والأنشطة التدريبية هي أنشطة تفاعلية مصمَّمة لإدماج المتدربين وخلق تجربة تعلُّم جذابة تبقى في الأذهان. هذه الألعاب ذات طبيعة تجريبية؛ إذ تدعو المتدربين للمشاركة الفعالة في مهمة أو لعبة بدلاً من تلقي المعلومات وحسب. تشمل هذه الأنواع من الأنشطة التدريبية مناقشات جماعية، وألعاب تمثيل الأدوار، وتمارين استخلاص المعلومات والمشاركة، وأنشطة عملية، وغيرها.
تُستخدم الأنشطة التدريبية للمساعدة في تسهيل جانب معين من عملية التعلُّم، وكثيراً ما ترتبط بواحدة أو أكثر من مراحل مبادئ عالم النفس الأمريكي روبرت غانييه (Robert Gagné) للتعلُّم الفعال.
في بعض السيناريوهات، يمكن لهذه الأنشطة أن تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال مطالبة المشاركين بتطبيق المعرفة التي اكتسبوها في الجلسة أو ممارسة المهارات الناعمة أيضاً. تُعد هذه الفرص التفاعلية إضافة رائعة لأي برنامج تدريبي.
على سبيل المثال، إذا كنت تقدم تدريباً للفريق على تقديم التغذية الراجعة، فيمكنك الطلب إليهم المشاركة في نشاط يقدم فيه كل واحد منهم التغذية الراجعة إلى الآخرين خلال الجلسة. يُعد هذا النوع من التدريب القائم على الألعاب طريقة رائعة لتعزيز التعلُّم وبناء المهارات العملية التي يمكن استخدامها فور انتهاء التدريب.
وفي وقت آخر، قد يؤدي تعزيز التدريب المؤسسي باستخدام نشاط ممتع إلى مهمة مزدوجة تتمثل في تحسين عملية التعلُّم، وفي الوقت نفسه بناء الروابط بين أعضاء الفريق وتعزيز مهارات التواصل. قد يساعد استخدام الألعاب التدريبية مع العروض التقديمية والمناقشات المتدربين على التفاعل بنشاط مع المحتوى الذي تقدمه لهم.
لماذا نستخدم الألعاب والأنشطة التدريبية؟
تفسر نظرية عالم النفس سايمور إبستاين (Seymour Epstein) المعروفة باسم نظرية الذات المعرفية التجريبية (CEST) كيفية معالجة دماغنا للمعلومات والاحتفاظ بها من خلال طريقتين متميزتين: التحليلية المنطقية والحدسية التجريبية.
حيث يكون الجزء الحدسي التجريبي من دماغنا نشطاً بصورة أكبر عند التركيز على مهام محددة، خاصة تلك التي تنطوي على الجانب الجسدي أو التي تستحضر المشاعر والتجارب. كما يُحتفَظ بالمعرفة المكتسبة من خلال التعلُّم التجريبي بسرعة أكبر وتُنسى ببطء مقارنة بالطرائق الأخرى.
في المقابل، يكون الجزء التحليلي المنطقي أكثر نشاطاً عند التركيز على العمليات، وجمع المعلومات، واتخاذ القرارات. بحسب إبستاين، يعمل دماغنا بطريقة مثالية عندما يعمل هذان الجزآن معاً بانسجام.
لذا، فإنَّ التدريب بقيادة مدرب الذي يستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب لتنشيط كلا النظامين يساعد المتدربين على تحقيق الاستفادة القصوى من تجربة التعلُّم. باختصار، يمكن للمتدربين البالغين اكتساب المعرفة من خلال تلقي المعلومات بطريقة سلبية، ولكن التدريب يكون أكثر فعالية عندما يقترن بأنشطة تجريبية، مثل المشاركة في المهام والألعاب.
تُعدُّ الألعاب التدريبية وسيلة فعالة لإشراك الجزء الحدسي التجريبي من أدمغتنا، كما أنَّها تعزز تجربة التعلُّم. لتحقيق أفضل النتائج، يُنصح بممارسة الأنشطة التدريبية في جلسة نقاش أو جلسة استخلاص معلومات لتنشيط الجزء التحليلي المنطقي من الدماغ ومساعدة المتدربين على الاحتفاظ بالمواد التدريبية واستخدامها.
عند استخدام هذه الألعاب والأنشطة، من الضروري التفكير في التوقيت والمكان المناسبين لإدراجها في جدول التدريب لإنشاء عملية تعلُّم فعالة وتنفيذ برنامج تدريبي ناجح.
أنشطة تلطيف الأجواء
لكل جلسة تدريبية نقطة انطلاق، وبعد جذب انتباه المجموعة وتحديد أهداف جلسة التدريب، يصبح هذا الوقت مثالياً لتلطيف الأجواء. أنشطة تلطيف الأجواء مصمَّمة تحديداً للمساعدة في تخفيف التوتر وإنشاء روابط قوية بين المتدربين مع توفير مساحة لبدء استكشاف موضوع برامج التدريب.
على الرغم من إغراء البدء مباشرة في عرض مواد التدريب، فإنَّ ممارسة أنشطة تلطيف الأجواء يضمن لك الاستحواذ على انتباه المتدربين بصورة كاملة، وأنَّهم على استعداد تام للمشاركة في عملية التدريب.
1. الحقائق فقط
تُعد هذه اللعبة التدريبية لتلطيف الأجواء وسيلة رائعة لإثارة حماسة المتدربين وتحفيزهم للحديث عن الموضوع المطروح في بداية جلسة التدريب. في هذه اللعبة، يبدأ المدرب بتحديد موضوع معين، ثم يطلب من المجموعة ذكر الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع.
على سبيل المثال، في التدريب على مهارات تقديم التغذية الراجعة، قد يكون الموضوع "حقائق حول التغذية الراجعة البناءة". حيث يجلس المتدربون في دائرة، ويبدأ كل شخص بذكر حقيقة حول الموضوع. على الرغم من سهولة البدء، قد يكون من الصعب الاستمرار دون تكرار الحقائق أو الإدلاء بآراء أو نظريات غير مثبتة.
لذا، عندما يخالف شخص ما قواعد اللعبة، يتحداه أحد أعضاء المجموعة قائلاً: "الحقائق فقط!" ثم يصوِّت الجميع على ما إذا كانت الحقيقة المذكورة صحيحة أم لا.
تُعد هذه اللعبة وسيلة رائعة لتهيئة المتدربين وتشجيعهم على التفكير النقدي والتركيز على الحقائق المتعلقة بالموضوع المطروح للنقاش.
2. أنا أتوقع
يساعد طرح توقعات المجموعة من جلسة التدريب على خلق توافق وتشجيع المشاركة، كما يعطي المدرب نظرة ثاقبة حول كيفية خدمة المجموعة على أفضل وجه.
في لعبة تلطيف الأجواء هذه، ابدأ بتقسيم لوح ورقي أو لوح أبيض افتراضي إلى أربعة أرباع. ثم اطلب من المشاركين الإجابة عن ما يتوقعونه من: 1. التدريب، 2. المدرب، 3. من أنفسهم، 4. المشاركين الآخرين.
يمكن للمشاركين كتابة إجاباتهم على بطاقات لاصقة وإضافتها إلى الرسم البياني، أو ببساطة طلب الإجابات وتدوينها في المكان المناسب. تحقق مرة أخرى في النهاية لعرض ما حققته المجموعة وفقاً لتوقعاتها.
3. الصندوق السحري
تكون ألعاب تلطيف الأجواء التدريبية أكثر إفادة عندما تشجع المشاركين على البدء في التفاعل مع الموضوع المطروح، وفي الوقت نفسه مشاركة وجهات نظرهم مع المجموعة.
الصندوق السحري هو تمرين فعال يطلب من المتدربين البدء باختيار كائن من صندوق مسبق الإعداد. ثم يخبرون المجموعة مَن هم؟، ولماذا اختاروا هذا الكائن؟، وما علاقته بالتدريب القادم؟ يُطلب من المشاركين التفكير بطريقة إبداعية حول العلاقة بين الكائن وجلسة التدريب؛ مما يعزز المشاركة ويتيح مساحة للتعبير الشخصي.
4. الأفضل والأسوأ
قد تساعد مشاركة التجارب الشخصية وتشجيع الفضول في بداية الجلسة التدريبية في تمهيد الطريق للتعلُّم. في نشاط تلطيف الأجواء هذا، اطلب من كل شخص في المجموعة أن يكتب سؤالاً عن أفضل وأسوأ شيء يريد معرفته عن المجموعة. على سبيل المثال: ما هي أسوأ هدية حصلت عليها على الإطلاق؟ وما هي أفضل نصيحة تلقيتها على الإطلاق؟
ضع جميع الأسئلة في قبعة واطلب من الجميع اختيار سؤالين عشوائياً. اطلب من الجميع مشاركة إجاباتهم وقصصهم ذات الصلة.
5. طريقة كلمة واحدة
تُعد أنشطة تلطيف الأجواء رائعة لمساعدة المجموعة على الاسترخاء والاندماج في جلسة التدريب القادمة. طريقة الكلمة الواحدة هي إحدى ألعاب تلطيف الأجواء المفيدة؛ إذ هي سهلة التنفيذ وتشجع على الإبداع، ويمكن تكييفها لتناسب أي موضوع أو جلسة تدريبية.
ابدأ بتقديم موضوع أو فكرة، وأخبر المشاركين أنَّهم سيتعاونون لتكوين جملة من خلال مساهمة كل شخص بكلمة واحدة من هذه الجملة. الهدف من اللعبة هو إنشاء جملة ذات معنى تغطي الموضوع الذي اخترته.
تُعدُّ هذه اللعبة التدريبية فعالة بصورة خاصة في تشجيع جميع أفراد المجموعة على التحدث في وقت مبكر من الجلسة، وقد تساعد في تقديم موضوع صعب بطريقة سهلة.
6. مَن أنت؟ تمرين سفينة القراصنة
يأتي كل عضو في المجموعة بمنظور فريد إلى أي ورشة عمل أو اجتماع أو جلسة تدريبية. في هذه اللعبة التدريبية الممتعة لتلطيف الأجواء، يتم تشجيع المشاركين على التفكير في دورهم ووجهات نظرهم وما سيقدمونه في التدريب القادم.
ابدأ بمشاركة صورة سفينة القراصنة، واطلب من الأشخاص التفكير في أي شخصية على السفينة تمثلهم بصورة أفضل. ويمكنك أيضاً أن تسأل: "أي شخصية في الصورة تمثل شعورك تجاه هذا التدريب؟ ولماذا؟ ضع إجابتك في الدردشة". تساعدك المناقشة التي تلي ذلك في تلطيف الأجواء، وفي الوقت نفسه تحفيز المجموعة للتفكير في كيفية مشاركتهم في التدريب القادم.
في الختام
تحدثنا في هذا الجزء عن 6 أنشطة تدريبية شائقة وسنتابع في الجزأين الثاني والثالث مع بقية الأنشطة.
أضف تعليقاً