الحاسوب في مجال المؤسسات التعليمية

الحمد لله العالم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم، وصلاة الله على خير معلمٍ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فإنه منذ العصور القديمة بدأ الإنسان باستخدام أساليب ووسائل مرتبطة بحياته اليومية لإجراء عملية العد والحساب، فقد استخدم أصابعه ومن ثم الحصى للعد، ولكن بعد تزايد حجم المعلومات فقد أدى به إلى استحداث أساليب آلية تساعده على حل المسائل التي يتعرّض لها، فكان من الآلات المخترعة مبدئياً آلة المعداد الذي يسمى بعداد أباكوس (Abacus) في الصين قبل عام 2000ق.م للقيام بعمليات العد وذلك بتحريك وترتيب الخرز يدوياً للقيام بالعمليات الحسابية البسيطة، وقد استخدمها أيضاً اليونانيون وقدماء المصريين، ثم جاء العلماء العرب والمسلمون الذين أضافوا الرقم صفراً إلى مجموعة الأرقام والذي يُعَدُّ الأساس في علم الحاسوب (النظام الثنائي) (1)، ثم جاء من بعدهم العالم الفرنسي بليز باسكال في عام 1642م وقام باختراع آلة جمع ميكانيكية سميت بآلة باسكال والتي تُعَدُّ أول آلة حاسبة فعلية.

 



ثم تلت مرحلة آلة باسكال عدة مراحل تطور فيها علم الحساب، وتم اختراع عدة آلات تعتمد في عملها على أساس الحركة الميكانيكية.

ومع التطور السريع الذي شهده علم الفيزياء تطورت معه هذه الآلات الميكانيكية وأصبحت آلات كهروميكانيكية ثم أصبحت فيما بعد أجهزة إلكترونية بحتة.

ومع هذا التطور المتسارع ظهر الحاسب الآلي الذي يقوم بعدة عمليات حسابية معقدة في وقت قياسي جداً، والذي أدى إلى استخدام الحاسوب في جميع المجالات ومن ضمنها مجال التعليم.

يسهم الحاسوب إسهاماً كبيراً في المؤسسات التعليمية، وبدأ تزايد استخدام الحاسوب من قبل عقدين من الزمن تقريباً، فنجاح وانتشار استخدام الحاسوب في المؤسسات التعليمية المختلفة يعود إلى ما يملكه من برمجيات ذات إمكانات وخصائص تعليمية تساعد على رفع المستوى العام للتحصيل العلمي، وإلى دوره الفعال في مجال الإدارة التربوية والمدرسية.

ويستخدم الحاسوب في مجال التعليم في جميع مراحله، وتستخدم تطبيقاته في عدة أغراض منها ما يتعلق بالجانب الإداري ومنها ما يتعلق بجانب التعليم المباشر أو كمساعد تعليمي، وسوف أقوم في هذه الدراسة البسيطة باستعراض هذين الجانبين كلاً على حدة:

 

الحاسوب في ميدان إدارة المؤسسات التربوية:

يتركز استخدام الحاسب الآلي في المؤسسات التعليمية في استخدام البرامج التطبيقية للقيام بالعديد من الأعمال الإدارية المتعلقة بحفظ السجلات والبيانات الخاصة بكل إدارة وفي إعداد الملفات الخاصة بالطلاب والبيانات الخاصة بهم من معلومات شخصية ومالية وصحية وأكاديمية، ويستخدم في المراسلات والتخطيط والبحوث التربوية وإعداد وتصميم المناهج المختلفة وإعداد الامتحانات والجداول الخاصة بالمحاضرات للمدرسين وكتابة التقارير والإعلانات وفي إدارة الميزانية وتنظيم وإجراء الحسابات وإعداد كشوفات الرواتب والمستحقات وغير ذلك من الأعمال المتعلقة بالجانب الإداري.

 

الحاسوب في ميدان التعليم:

أصبح الحاسب الآلي أحد أهم التقنيات التعليمية التي دخلت مجال التعليم والذي أصبح أداة تعليمية فعالة ذات كفاءة عالية في تطوير أساليب التعليم والتغلب على مشكلاته، والكمبيوتر يعد عاملاً مساعداً في التعليم وجزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية وذلك لما له من أهمية في إعداد أجيال الغد، وللحاسوب في مجال التعليم جانبان:

الجانب الأول: استخدام الكمبيوتر بوصفه موضوعاً للتدريس (أي بوصفه هدفاً تعليمياً):

ويتم ذلك من خلال التعرف على الحاسوب ذاته (ثقافة الكمبيوتر) وتعلم مكوناته الأساسية ومهارات استخدام تطبيقاته مثل معالجة الكلمات وقواعد البيانات والجداول الحسابية وغيرها من البرامج التطبيقية بشكل عام، وتعليم الحاسوب (كثقافة الكمبيوتر) بشكل خاص، ونجد الكثيرين من الناس يتجهون إلى المراكز الخاصة التي تقدم دورات تدريبية في استخدام الحاسوب، وتقوم معظم المدارس والجامعات في معظم الدول بتقديم مقررات خاصة بتعليم الكمبيوتر.

 

الجانب الثاني: في تعليم المواد المختلفة:

ويتركز استخدامه في هذا الجانب في ثلاثة أشكال:

  1. بوصفه وسيطاً تعليمياً: يستعين العديد من المدرسين بأجهزة الكمبيوتر بوصفها وسيلةً تعليميةً وتوضيحية في تعليم العديد من المواد الدراسية والموضوعات المختلفة وهذا ما يسمى بـComputer Aid) Insrtuction [CAI])، ومن خلال الحاسوب يمكن عرض الدروس المختلفة وإجراء التجارب المعملية، كما يمكن عرض الأفلام التعليمية والعلمية، فالكمبيوتر أصبح يحل محل التلفاز والفيديو والسينما وأدوات العرض الأخرى لعرض الصور والرسوم والمخططات والخرائط وغيرها.

وبعض المدرسين يقومون بتصميم دروسهم باستخدام الكمبيوتر ومن ثم يتم العرض المباشر من الحاسوب، كما يصمم المدرس الواجبات ويرسلها عبر الإنترنت إلى قائمته البريدية التي تضم عناوين البريد الإلكتروني (E-Mail) لجميع طلابه، بحيث يستطيع كل طالب الحصول على الواجبات ويقوم بإجراء الحلول ثم إعادتها بالبريد الإلكتروني إلى المدرس.

وعليه فالكمبيوتر يسهل الاتصال بين كل من المدرس والطالب في أي لحظة.

  1. في التعلم الذاتي أو الفردي (Self Learning): التعلم الذاتي أو الفردي هو الاستغناء عن المدرس باستخدام الكمبيوتر في تلقي المحاضرات أو غيرها من الممارسات الصفية التي يقودها المدرس، تصمم بعض المواد الدراسية عن طريق الحاسوب بطريقة تفاعلية تثير اهتمام الطالب وتقويم وتتتبع مدى تمكن الطالب من المادة المعروضة وتقديم التغذية الرجعية المناسبة عند اللزوم.

 

وقد ساهم الكمبيوتر في استخدامه كالتعليم عن بعد لتسهيل الكثير من الصعوبات بحيث يتم بث أو تقديم المواد الدراسية والبرامج التعليمية اللازمة عبر الإنترنت إلى الطلاب.

وتقوم البرامج التعليمية مقام المعلم حيث يتم التفاعل بين الطالب والكمبيوتر وقد انتشرت البرامج التعليمية وخصوصاً التي تعتمد أسلوب التدريب والممارسة (Drill And Practice) والذي يقدم العديد من الأسئلة المتنوعة ومن ثم إعطاء الإجابة بعد عدة محاولات للوصول إلى الإجابة الصحيحة، كما يزود بالشرح حول فقرة معينة إذا طلب منه ذلك، وهناك البرامج التعليمية الأخرى مثل حل المشكلات Problem Solving)) والاكتشاف (Discovery) وتعليمية بحتة (Tutorial) ويتوقع الكثير أنّ الحاسوب سيحل محل المدرس ليقوم بكل الوظائف التي يقوم بها المعلم في جميع المدارس والجامعات ولا يحتاج إلى المعلم إلا للتوجيه والإرشاد.

بوصفه مصدراً للمعلومات (Source Of Information): كثير من المعلومات والمعارف العامة التي كانت تعد في مجلدات وكتب مثل الموسوعات العلمية والأبحاث وأمّات الكتب الإسلامية المختلفة تجهز حالياً في أقراص ليزرية CD تقرأ بوساطة الحاسوب، كما أن العديد من هذه المعلومات يمكن الحصول عليها من خلال الإنترنت والتي أصبحت مصدراً أساسياً للحصول على العديد من المعارف العامة والخاصة، وأصبحت كثير من الجامعات في الدول المتقدمة توفر لطلابها الخدمات المجانية عبر الإنترنت ليتمكن هؤلاء الطلاب من الحصول على المعلومات والمعارف وتبادلها بين الباحثين والمهتمين والعلماء والخبراء وأصحاب الاهتمامات المشتركة، والحصول على آخر البحوث والدراسات وتصفح الكتب من أكبر المكتبات في العالم بيسر وسهولة.