التدريس فن مكتسب

إنّ التدريس يشكل مجموعة نظريات وحقائق تتحول إلى مهارات وخبرات من خلال التدريب وتطبق باتخاذ سلسلة من القرارات وبإيجاز طرائق عديدة تساعد الطالب على التعلم والنمو أو التعميم ورسم التجارب التربوية التي تنمي مهاراته ومفاهيمه وتمكن من التمتع بتجارب التعلم والنشاط أو الموضوع الذي درسه.

 



ويعد التدريس عملية مخططاً لها بشكل منتظم ومرتبطة بأهداف وتستند إلى أسس نظرية متفاعله لتحقيق التطور والتكامل للعملية التربوية، والغرض منه هو توصيل المعارف والعلوم المتنوعة والمختلفة من المدرس إلى الطالب، وينبغي للمدرس أن يتذكر أنّ هنالك عدداً غير محدد من المتغيرات التي تعمل في المواقف التدريسية لذا وجب عليه الصبر والتحمل والمثابرة والتكيف معها والاستعداد للتعامل وإيّاها.

 

لأنّ التدريس الجيد مرتبط بالطلاب وما يقومون به من تطبيق واستجابة لما طرح من المدرس ولهذا وجب عليه الانسجام والتعايش مع طلبته من أجل أداء رسالته بكفاءة وأمانة.

إنّ فن التدريس ليس عملاً أو وظيفة فحسب بل هو تعميم مشروع ضخم متشعب الجوانب له مرتكزات واضحة لاتصاله بصورة مباشرة بمستقبل أولئك الذين تشجعهم على التعليم وتربيهم منذ الصغر ليصبحوا شباب المستقبل (هربرت كول).

ولأنّ التدريس فن مكتسب وجب أن يستند إلى فهم الطالب ومعرفة ظروفه ومستوى تفكيره ودراسة طباعه للتعرف على ميوله ورغباته هذا بالاضافة إلى العناية بالتربية الأخلاقية، وتحسين الحياة في المجتمع عن طريق توجيه الطلبة إلى خدمة مجتمعهم.

 

أما بالنسبة إلى المدرس فعليه أن ينظر إلى نفسه بوصفه معلماً ومتعلماً فالخبرات التي يأتي بها الطلبة تعرفه مافي المحيط الذي يعيش فيه من إمكانات وتراث اجتماعي، ولهذا فان ممارسته الفعلية للمهنة تجعله متعلماً مقتبساً لكل معلومة جيدة لأن المدرس الذي لا يحاول الاقتباس من المحيط أو من خبرات طلبته هو مدرس جامد يبقى طيلة مدة خدمته يلقن طلبته المعلومات نفسها ويردد لهم الفكر نفسه والعبارات نفسها، وإن تعقد الحياة وتنوع مطالبها يجعل هذا النوع من المعلمين الجامدين خطراً على مهنة العليم التي تتطلب التجديد والتطوير حسب الظروف والأحوال المتغيرة.

 

إنّ السعادة والراحة النفسية ممكن أن يشعر بهما هؤلاء الذين يحبون عملهم وإن الأسباب التي تدفع الإنسان إلى العمل هي لممارسة عمل أو مهنة معينة ولأن التدريس مهنة وكل مهنة يتم اختيارها بشكل صحيح بالاعتماد على المصادر الأساسية الآتية:

  • تأثُّر الشخص بمهنة عائلته.
  • رغبته في العمل بالعمل تحت تأثير نموه ورغبته في مساواة الآخرين.
  • وقد لايحالف الحظ الشخص في اختيار المهنة التي يرغب فيها وهذا مايحدث نتيجة المصادفة أو الظروف غير الملائمة إلا أنّ هذه المصادفة قد لاتظهر في أنواع كثيرة في المهن ومنها التدريس والتي أثبتت البحوث والدراسات أنّ بعض المدرسين كانت إمكاناتهم في تدريس إختصاصاتهم ضعيفة ولم تحقق الأغراض المطلوبة، لأن اختيارهم لهذه المهنة لم يكن بمحض إرادة الكثير منهم.

 

وفي هذه الأيام نسمع تعليقات كثيرة حول وجود أزمة في التعليم وأحد العوامل الرئيسة في هذه الأزمة، أنّ عدداً كبيراً من المدرسين لم يعدوا الأعداد اللازم للمهنة على الرغم من بذل محاولات عديدة لتحسين وسائل التدريب والإعداد لغرض النهوض بمؤهلاتهم إلا أن الأزمة ما زالت موجودة لذا ينبغي بذل جهود استثنائية من أجل وضع المناهج الملائمة واختيار العناصر الكفوء للنهوض بمستوى هذه المهنة ومقوماتها.

إنّ عملية التدريس علم له مقومات وأسس يعتمد عليها في التطبيق نظرياً وعملياً وهما الموهبة الفطرية أو الطبيعية والقدرة على التعلم أو الإلمام بالمادة العلمية، وهذه المقومات هي أساس نجاح عملية التدريس.

 

 أما بالنسبة إلى المبادئ الأساسية التي يجب ان يتصف بها المدرس فهي إحتواؤه لذاته ولمهنته وللمتعلم وبناء علاقات طبية معه وهذه تُعَدُّ من المقومات الشخصية التي يجب أن يتحلى بها كل مدرس، هذا بالإضافة إلى التمكن من المادة وسلامة الإعداد للدرس وتوصيل المعلومات إلى الطلبة بعد دراسة خصائصهم وتتضمن مهارات التدريس ثلاث عمليات رئيسة هي التخطيط والتنفيذ والتقويم ويتطلب من المدرس عند إنجاز كل منها أن يجيد القيام بها، فعملية التخطيط تتطلب منه تحديد خصائص المتعلمين ومعرفة احتياجاتهم وقدراتهم كي يكون قادراً على صياغة أهداف التعليم وتحليل محتوى المادة الدراسية وتحديد أفضل نتاج لتقديمها ولهذا وجب على المدرس إتباع المراحل الآتية في أثناء تخطيطه للدرس:

  • الربط بين الخبرات المعرفية السابقة والحالية ومعرفة الأشياء المطلوب من الطلبة القيام بها في أثناء الدرس وبعد الانتهاء منه بحيث يستطيعون القيام بها.
  • إستكشاف الطلبة للمفاهيم المطروحة ومحاولة تطوير مفرداتها.
  • منح الطلبة الفرصة لإبداء آرائهم وتوضيحاتهم حول المفاهيم المطروحة.
  • منح الطلبة الفرصة للتوسع في مداركهم ومفاهيمهم.
  • تقويم ماتعلمه الطلبة.

 

أما التنفيذ فيسعى المدرس إلى اتخاذ ماخطط له، في أثناء تفاعله مع الطلبة ويتوقف نجاحه على إجادة مجموعة من عرض المهارات الفنية المتخصصة مثل مهارات عرض الدرس وتصنيف الأسئلة وصياغتها وتوجيهها وإثارة الدافعية لدى الطلبة وتعزيز استجاباتهم وإجادة إدارة الصف الدراسي وكيفية تكوين علاقات إنسانية طيبة مع طلبته وبما أن التقويم هو أحد عناصر التدريس ولكونه عملية مستمرة تحاول التوصل إلى جوهر المشكلة، لهذا وجب على المدريسن جمع المعلومات المدرسية عن قدرات الطلاب ومعلوماتهم وإتجاهاتهم وذلك بغية اتخاذ قرارت تستند إلى هذه المعلومات وفي الختام إجراء التقويم الشامل الذي يأتي بعد أن تتم عملية التعليم والتعليم بقصد التأكد من تحقيق الأهداف التعليمية التي سبق تحديدها.