بالتزامن مع أتمتة المهارات الصلبة (البرمجة، وتحليل البيانات، ومهارات الكمبيوتر) بواسطة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى، ازدادت أهمية المهارات الناعمة عند أرباب العمل الذين يتطلعون إلى إجراء مسابقات توظيف. أفادت لينكدإن (LinkedIn) في تقرير توجهات المواهب السنوي أنَّ 92% من المسؤولين عن توظيف المواهب يقولون إنَّ المهارات الناعمة تضاهي أو تفوق في أهميتها المهارات الصلبة عند تعيين موظفين جدد.
ما هو التدريب على المهارات الناعمة؟
في البداية، يجدر بنا أن نفهم معنى مصطلح المهارات الناعمة. تُعرِّف الموسوعة البريطانية (The Encyclopedia Britannica) المهارات الناعمة بأنَّها: "المهارات غير التقنية وغير المرتبطة بمجال العمل التي يمكن استخدامها مع مجموعة واسعة من المهام في عديد من المناصب والمهن، منها مهارات التعامل مع الآخرين التي تمكِّن الأفراد من العمل بكفاءة في الفرق والمنظمات".
في العقود القليلة الماضية، أدركت المنظمات تدريجياً أنَّ الموظف الذي يتمتع بمهارات، مثل حسن التواصل والمهارات التنظيمية والقيادية غالباً ما يكون أكثر قيمة من موظف يتمتع بالخبرة التقنية فقط.
يمكن تقديم التدريب على المهارات الناعمة بأشكال عديدة، مثل: التعلم الإلكتروني ودورات الفيديو عند الطلب، وإسناد المهام الكتابية، والتدريب الشخصي، والندوات.
اعلم أنَّه مثلما يتطلب تعلم مهارة صلبة مثل البرمجة التدريب، يتطلب إتقان المهارات الناعمة أيضاً التدريب والتكرار والممارسة، واعلم أيضاً أنَّ ثمة طرائق معينة لتقديم التدريب على المهارات الناعمة تمنحك أنت وفريقك مزيداً من المرونة لتقديم برنامج التدريب على المهارات الناعمة وتقييمه والحصول على تغذية راجعة بشأنه.
ما هو سبب ازدياد أهمية التدريب على المهارات الناعمة؟
أصبحت المهارات الناعمة أكثر أهمية في تحديد نجاح الموظف، وبذلك لم يعد مسؤولو التوظيف وفرق المواهب يعدونها مهارات كمالية، بل شيء يبحثون عنه بجد في المرشحين الجدد سواء كانوا من داخل المنظمة أم خارجها.
وجدت إحدى الدراسات أنَّ 85% من النجاح الوظيفي يرجع إلى المهارات الناعمة و15% فقط إلى المعرفة التقنية أو المهارات الصلبة. توضح مثل هذه البيانات أهمية إضافة التدريب على المهارات الناعمة إلى برنامج التعلم والتطوير الحالي.
مع استمرار موظفيك في رؤية مدى الطلب على المهارات الناعمة في سوق العمل اليوم، تزداد رغبتهم في العمل في مؤسسة تقدم هذا النوع من التدريب. قريباً، ستواجه المؤسسات التي لا تقدم تدريباً على المهارات الناعمة صعوبة في توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بها.
فوائد التدريب على المهارات الناعمة
فيما يلي أهم فوائد التدريب على المهارات الناعمة:
1. زيادة الكفاءة داخل الفرق
إنَّ تدريب موظفيك على كيفية التواصل بطريقة احترافية وواضحة وموجزة ومتعاطفة يمكِّنهم من إنجاز المشاريع على وجه أسرع. يقي اكتساب المهارات الناعمة مثل حسن التواصل من حجب المعلومات عن الفرق الأخرى ويساعد الموظفين على فهم التوجيهات المقدمة لهم، وكيفية تنفيذ تلك التوجيهات.
معظمنا، في مرحلة ما من حياتنا المهنية، كان لديه زميل في العمل أو موظف يعرف الجميع أنَّه يتمتع بخبرة تقنية كبيرة في منصبه ولكنَّه لا يجيد التواصل. لو أنَّ مثل هذا الشخص مُنح موارد التدريب لتحسين المهارات الناعمة مثل، التواصل والتعاون والعمل الجماعي وإدارة الوقت، لكان تأثيره أكبر في تحسين قدرة الفريق على إنتاج عمل عالي الجودة، ولبرز كموظف متفوق وقائد مستقبلي عالي الأداء.
2. تعزيز القيادة
ينبغي أن يركز التدريب الحالي والجديد على القيادة في تنمية المهارات الناعمة. يؤدي تحسين المهارات الناعمة مثل الذكاء العاطفي والإصغاء النشط وكيفية إجراء محادثات صعبة إلى زيادة معرفة القادة الذي بدورهم يجعلون موظفيك أكثر سعادة عن طريق دعمهم لهم وزيادة الثقة بينهم.
فكر في ذلك المدير الذي كان أفضل عضو في الفريق في منصبه، وكان يتمتع بالمعرفة التقنية ويمكنه الإجابة عن أي سؤال يُطرح عليه، وعندما أصبح مديراً لم يحقق نفس مستوى النجاح في قيادة فريق من الموظفين. في كثير من الأحيان، يفتقر هؤلاء القادة الجدد ببساطة إلى المهارات الناعمة للتواصل مع فريقهم بكفاءة، وبناء علاقات حقيقية معهم، والنجاح في إدارة المحادثات الصعبة معهم.
عند تقييم المهارات الناعمة في وقت مبكر، ثم إجراء التدريب، قد يحقق هؤلاء الموظفون ذوو الأداء العالي نفس مستوى النجاح عندما يصبحون قادة.
3. تحسين الاحتفاظ بالموظفين
وفق بيانات بحث لينكدإن، يقول 94% من الموظفين إنَّهم سيبقون مدة أطول في مؤسسة تستثمر في حياتهم المهنية. إنَّ تزويد موظفيك بموارد التدريب على المهارات الناعمة يخبرهم بأنَّ مؤسستك تهتم بتقدمهم المهني، وهو ما يعده الموظفون الآن شرطاً للبقاء في المؤسسة على الأمد الطويل.
كلما كانت المهارات الناعمة لموظفيك أقوى في جميع أقسام المنظمة، استطعت تقليل سوء التفاهم والفشل في حل النزاعات وعدم الرضا عن الإدارة وغيرها من المشكلات التي غالباً ما تجعل الموظفين يغادرون الشركة. طوال حياتنا المهنية، من المحتمل أن نرى عدداً كبيراً من الموظفين ذوي القيمة العالية يغادرون المؤسسة. لقد رأينا جميعاً ذلك الموظف الذي كان مناسباً للشركة والفريق وقدَّم أداءً رائعاً ولكنَّه غادر بعد عام أو عامين. على الرغم من أنَّ ترك موظف ما لشركتك لا يمكن أن يُعزى فقط إلى نقص فرص التدريب والتطوير المهني، فاعلم أنَّ النسبة المئوية للأشخاص الذين يغادرون شركتك بسبب هذه الفجوة في برنامجك التدريبي سوف تستمر في الاتساع كل عام إن لم تسدها.
كيفية إجراء التدريب على المهارات الناعمة
1. تقييم الفجوات في المهارات الناعمة لدى موظفيك
الخطوة الأولى الجيدة التي يجب اتخاذها عند إضافة التدريب على المهارات الناعمة إلى خطة التعلم والتطوير هي تقييم المهارات الناعمة لدى موظفيك.
أحد أكبر التحديات التي تواجهها فرق التعلم والتطوير عند تقييم المهارات الناعمة هو الافتقار إلى أدوات تحليل فجوة المهارات المصمَّمة تحديداً للنظر في مهارات العمل. ويرجع ذلك في الغالب إلى أنَّ معظم موارد تقييم المهارات المتاحة مصمَّمة لتقييم المهارات الصلبة أو المعرفة التقنية.
بعد تقييم المهارات الناعمة لقادتك والمساهمين الأفراد، سيكون من الأسهل بكثير إضافة احتياجاتهم المحددة إلى مسارات التعلم المخصصة لهم.
2. إعلام المؤسسة بأهمية التدريب على المهارات الناعمة
يجب إعلام المؤسسة بأكملها بماهية المهارات الناعمة وسبب أهميتها لدى القوى العاملة اليوم في وقت مبكر.
قد يكون إرسال رسائل بريد إلكتروني إعلامية ونشرها على تطبيقات التواصل الداخلية مثل سلاك (Slack) أو تيمز (Teams) بانتظام طريقة رائعة لإعلام الجميع في المؤسسة حول تأثير التدريب على المهارات الناعمة إيجابياً في حياتهم المهنية.
ومن الهام أيضاً تخصيص الموارد التي ترسلها إلى مختلف أصحاب المصلحة. اعلم أنَّ أحد الأهداف الرئيسية لإرسال المواد التعليمية حول المهارات الناعمة هو إقناع القادة بالموافقة على برنامج التدريب.
3. إضافة موارد التدريب على المهارات الناعمة إلى البرنامج التدريبي
اعتماداً على الشكل الذي يبدو عليه برنامج تدريب وتطوير الموظفين الحالي لديك، ستحتاج إلى إضافة مواد تدريبية خاصة بالمهارات الناعمة إلى استراتيجية التعلم والتطوير.
إذا كانت مؤسستك تستخدم نظام إدارة التعلم أو نظام إدارة الموارد البشرية، فقد يكون المحتوى الجاهز طريقة رائعة لمواصلة جني فوائد التدريب عبر الفيديو عند الطلب، وربما تقديم نهج أكثر إدماجاً مثل وحدات التعلم المصغر عبر التعلم الإلكتروني.
إذا لم يكن لديك نظام إدارة تعلم أو أي نوع آخر من منصات التعلم عبر الإنترنت، فهذه فرصة رائعة لبدء محادثة حول التأثير الإيجابي وعائد الاستثمار التي يمكن أن يجلبها استثمار حل التدريب عبر الإنترنت إلى مؤسستك.
4. تسويق التدريب على المهارات الناعمة كجزء من إستراتيجية التعلم والتطوير
قد يبدو تقييم الموظفين وتثقيفهم وتوفير الموارد لهم لتعزيز المهارات الناعمة كافياً، ولكن من الضروري أيضاً ترويج برنامجك داخلياً وخارجياً.
داخلياً، يعد تسويق برنامج التدريب على المهارات الناعمة أمراً بالغ الأهمية لتحفيز الموظفين وزيادة رغبتهم في التفاعل مع موارد التدريب التي توفرها لهم. يعد تقديم حوافز إبداعية مثل الجوائز الصغيرة للموظف الذي يكمل معظم وحدات تعلم المهارات الناعمة في شهر واحد أو الذي يسجل أطول وقت في نظام إدارة التعلم، طريقة رائعة لتعزيز الاندماج والاستفادة من برنامجك.
خارجياً، من الهام بنفس القدر ترويج أنَّ مؤسستك تقدم هذا النوع من موارد التدريب لجميع الموظفين الجدد عن طريق إعلانات ومقابلات التوظيف. فالموظفون يرغبون في فرص التطوير أكثر من أي وقت مضى عند البحث عن فرص عمل جديدة. قد يكون ترويج برنامج التدريب على المهارات الناعمة وسيلة رائعة لجذب أفضل المواهب إلى مؤسستك.
التعلم الإلكتروني والتدريب على المهارات الناعمة
عندما تعلم أنَّ التدريب على المهارات الناعمة يستحق إضافته إلى برنامجك التدريبي، فإنَّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: "كيف يمكننا تقديمه بكفاءة؟".
قد يقول البعض لا يمكن تعلم المهارات الناعمة إلا عندما تطبقها عملياً في أثناء تعاونك مع زملائك. وفي حين أنَّ هذا ضروري بالتأكيد لتطبيق المهارات الناعمة، فإنَّ تكنولوجيا التعلم اليوم تؤدي دوراً بارزاً في تعليم الموظفين هذه المفاهيم المجردة وفهم كيفية تنفيذها في العمل.
التعلم المصغر القائم على الفيديو والتعلم التفاعلي عبر الإنترنت هما طريقتان ناجعتان لتقديم تدريب مؤسسي معقد على المهارات الناعمة للموظفين لأنَّه يمكن إجراء التدريب في فترات قصيرة وشائقة، ثم تطبيقه في مواقف الحياة الواقعية على الفور. وهذا يجعل التعلم عبر الإنترنت فعالاً للغاية ومجدياً اقتصادياً لمواضيع مثل التدريب على التواصل، وآداب العمل، وتقديم العروض، وإدارة الوقت، والأخلاق المهنية، وغيرها.
كما أنَّ تقسيم المواضيع المعقدة إلى أجزاء يمكن التحكم فيها يجعل التدريب أسهل مما لو كنت تعتمد فقط على جلسات التدريب بقيادة مدرب لتعليم هذه المهارات الناعمة. يعد المحتوى عبر الإنترنت عند الطلب أداة قوية لتقديم تدريب فعال على المهارات الناعمة، خاصة عند استخدامه بالتزامن مع الكوتشينغ في أثناء العمل وسيناريوهات التدريب.
يحسِّن توفير مكتبة تعليمية عبر الإنترنت مليئة بمحتوى أنشأه الخبراء ثقافة شركتك لأنَّه يسمح لموظفيك بتوجيه تطورهم بأنفسهم. تمكنِّهم هذه الميزة من جعل التعلم والنمو جزءاً من حياتهم اليومية في العمل.
أدوات المهارات الناعمة لتحسين المهارات الحالية وتعلم مهارات جديدة
قد يؤدي استخدام أداة تعلم عبر الإنترنت مدعومة بالذكاء الاصطناعي تجمع بين التعلم المصغر القائم على الفيديو والمحتوى التفاعلي إلى تغيير آلية عمل عديد من المؤسسات.
يتيح لك استخدام أداة مصممة تحديداً لتحسين مهارات الموظفين الحالية وتعليمهم مهارات جديدة تنفيذ العناصر الأساسية للتدريب على المهارات الناعمة مع تقليل عبء عملك كمحترف في التعلم والتطوير. تشمل بعض هذه العناصر:
- تعريف ماهية كل مهارة ناعمة ومدى أهميتها في مكان العمل.
- تزويد الموظفين بالأمثلة، وسيناريوهات الحياة الواقعية حيث يتعين عليهم تطبيق تلك المهارات الناعمة.
- تقييم كفاءة الموظفين وربطها بالمهارات الناعمة التي تهم وظائفهم أكثر وتلك التي يحتاجون إلى تحسينها.
- متابعة تقدم موظفيك في وحدات التدريب على المهارات الناعمة، وتعيين وحدات تعليمية جديدة، والتعاون مع كل موظف لتحقيق تقدمه المهني.
في الختام
أصبحت المهارات الناعمة هي النقطة المحورية لجميع فرق المواهب عند السعي لجذب أفضل المواهب إلى مؤسساتهم. ومع ذلك، فإنَّ معظم المؤسسات لا تدرك قيمة إضافة هذا النوع من التدريب إلى برامج التعلم والتطوير ولا تعرف كيفية القيام بذلك.
مع مواصلتنا السير على طريق الأتمتة والسماح لأدوات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي بتنفيذ المهام عالية التقنية أو المساعدة في تنفيذها، سيكون تطوير المهارات الناعمة لدى موظفيك أهم عامل في تحديد مدى نجاح مؤسستك.
أضف تعليقاً