الاختبار الجيد

أحمد بن محمد الحسين:

 هناك صفات أساسية يجب أن تتوافر في أي اختبار كي يحظى باحترامنا ونثق بنتائجه ونستفيد منه، كما أن هناك صفات ثانوية يستحسن أن تتصف بها الاختبارات ولكن اتصافها بها ليس شرطاً ضرورياً، وهناك فئة ثالثة من الصفات خاصة بالاختبارات المقننة أو المعبرة. والاختبار الجيد هو الذي يصلح لأداء الغرض الذي وضع من أجله على الوجه الأكمل، ومثل هذا الاختبار لا يكتمل إلا إذا توافرت معلومات عن مدى صلاحيته للقياس.




أولاً: الصفات الأساسية:

  • الموضوعية:

تعني إخراج رأي المصحح أو حكمه الشخصي من عملية التصحيح، أو عدم توقف علامة المفحوص على من يصحح ورقته، أو عدم اختلاف علامته باختلاف المصححين، كما تعني أيضاً أن يكون الجواب محدداً سلفاً بحيث لا يختلف عليه اثنان كما هو الحال في الأسئلة الموضوعية، والموضوعية صفة أساسية من صفات الاختبار الجيد وعليها يتوقف ثبات الاختبار ثم صدقه كما أنها ضرورية لجميع الامتحانات من مقالية وحديثة إلا أن لزومها أشد بالنسبة إلى الامتحانات المقالية، والسبب في ذلك أنها تتصف بالذاتية أي يتأثر تصميمها وتصحيحها بآراء وأهواء المصحح.

فالفاحص عندما يصمم الاختبار يضع أسئلة تتفق مع مزاجه وميوله، فيرى أن هذا الجزء من المادة مهم فيضع عليه سؤالاً أو عدة أسئلة وأن ذاك الجزء غير مهم فيهمله وهذا رأي قد لايشاركه فيه أحد وسيكون دوما هناك أجزاء من إجابات التلاميذ لا تنطبق عليها قواعده أو لم يضعها في حسبانه، أما عند التصحيح فسيتأثر بعوامل خارجية كخط التلميذ وأسلوبه وترتيبه ونظافة كتابته وجودة إملائه وبأثر الهالة التي تحيط به. وبطبيعة الحال لا يقبل المربي الحق أن يعطي الدرجات جزافاً أو أن يحابي أو يظلم أحداً ولذا يحاول أن يجد طرائق ليمنع ذلك وهذه تتوقف على طبيعة الاختبار وتتعلق بتصميمه وتصحيحه.

أما ما يتعلق بالتصميم فيجب أن تكون الأسئلة عينها ممثلة لمختلف أجزاء المادة، وأن تكون محددة وخالية من اللبس والغموض، وأن تكون في مستوى التلاميذ ومناسبة للغة الطلاب، وأن تكون على النمط الحديث (الطريقة الموضوعية).

أما ما يتعلق بالتصحيح فلابد من وجود نموذج إجابة خاصة في الطريقة المقالية، ولابد من قراءة عينة من الإجابات قبل التصحيح، ولا نحتاج إلى الخطوتين في الأسئلة الموضوعية. وباستعمال الأسئلة الموضوعية نستطيع أن نحقق موضوعية التصحيح بنسبة 100%.

  • الصدق:

الاختبار الجيد هو الذي يقيس ما أعد من أجل قياسه فعلاً، وهذا ما يسمى بالصدق، أي يقيس الوظيفة التي أعد لقياسها، ولا يقيس شيئاً مختلفاً، ولا يتطلب أسئلة تقيس الذكاء حتى لا يتحول الإختبار إلى قياس للذكاء. وأن صدق كل سؤال يتوقف على مدى قياسه للناحية المفروض أنه وضع لقياسها، ويرتبط صدق الاختبار بصدق كل سؤال فيه. والاختبار الصادق هو الذي يصلح للقياس على مجموعة معينة من التلاميذ وقد لا يكون صادقاً لمجموعة أخرى، وذلك لتداخل عوامل تؤثر في مدى صدق الاختبار بوصفه يحدد مستوى التلاميذ أو أن المدرس الذي يدرس هذه المجموعة غير الذي يدرس المجموعة الأخرى وهكذا. ولهذا يفضل أن يقوم كل مدرس بإعداد الاختبارات الموضوعية لتلاميذه لأن المدرس هو الأكثر معرفة بالمستوى التحصيلي لتلاميذه ولذالك سيكون الاختبار أكثر صدقاً. كما أن تجريب الاختبار في مراحل إعداده وتطبيقه وتعديله عده مرات يرفع  درجه صدقه وذلك بتنقيته من العوامل المؤثرة في درجه الصدق، وبذلك يقترب الاختبار في جزئياته وأهدافه التي وضع من أجلها إلى درجة كبيرة من الصدق.

ولتحديد معامل صدق الاختبار تستخدم إحدى الطرائق الآتية:

  • صدق المحتوى أو المضمون.
  • الصدق التطابقي.
  • الصدق التنبؤي.

وأهم خصائص الصدق يأتي:

  1. أنه يتوقف على عاملين هما الغرض من الاختبار أو الوظيفة التي ينبغي أن يقوم بها، وكذلك الفئة أو الجماعة التي سيطبق عليها الاختبار.
  2. الصدق صفة نوعية أي خاصة باستعمال معين (بالغرض الذي من أجله وضع الاختبار) وعليه يكون اختبار التحصيل في مادة ما صادقاً إذا كان يقيس مستوى تحصيل الطالب تلك المادة.
  3. الصدق صفة نسبية أو متدرجة وليست مطلقة فلا يوجد اختبار عديم الصدق أو تام الصدق.
  4. الصدق صفة تتعلق بنتائج الاختبار وليس بالاختبار نفسه ولكننا نربطها بالاختبار من قبيل الاختصار أو التسهيل.
  5. يتوقف صدق الاختبار على ثباته أي على إعطاء النتائج نفسها تقريباً في كل مرة يطبق فيها على صف بعينه.

وجدير بالذكر أن أبا لبدة أشار في كتابة "مبادئ القياس" إلى أنواع الصدق، وهي الآتي:

  • صدق المحتوى.
  • الصدق المنطقي أو صدق المفهوم.
  • الصدق السطحي أو الظاهري.
  • الصدق التجريبي والإحصائي، ويقسم إلى (تنبؤي، وملازم أو مصاحب).
  • الصدق العاملي.

وهناك عوامل مهمة تؤثر في الصدق منها مايأتي:

  1. عوامل متعلقة بالتلميذ.
    • اضطراب التلميذ في الاختبار.
    • العادات السيئة في الإجابة.

  2. عوامل متعلقة بالاختبار:
    • لغة الاختبار.
    • غموض الأسئلة.
    • سهوله الأسئلة أو صعوبتها.
    • صياغة الأسئلة.
    • العلاقة بين الأسئلة وما تعلمه الطالب.

  3. عوامل متعلقة بإدارة الاختبار:
    • عوامل بيئية كالحرارة والبرودة والرطوبة والضوضاء.
    • عوامل متعلقة بالطباعة.
    • عوامل متعلقة بالتعليمات غير الواضحة أو المتذبذبة.
    • استخدام الاختبار في غير ما أُعِدَّ له.

  • الثبــــات:

يقصد بثبات الاختبار إعطاء النتائج نفسها إذا ما أعيد على الأفراد أنفسهم في الظروف نفسها، ويقاس هذا الثبات إحصائيا بحساب معامل الارتباط بين الدرجات التي حصل عليها التلاميذ في المرة الأولى وبين النتائج في المرة الثانية، فإذا ثبتت الدرجات في الاختبارين وتطابقت قيل إن درجة ثبات الاختبار كبيرة. وهناك عوامل كثيرة يمكن أن تؤدي إلى عدم ثبات درجات الاختبار جمعها "ثورندايك" فيما يأتي:

  • سمات الفرد العامة الدائمة:
    • مستوى قدرة الفرد في واحدة أو أكثر من السمات العامة.
    • مهاراته العامة.
    • قدرته على فهم التعليمات.
  • سمات الفرد الخاصة الدائمة:
    • سمات نوعية بالنسبة إلى الاختبار.
    • أنواع معينة من مفردات الاختبار.
    • أثر عوامل المصادفة المتعلقة بمدى معرفة الممتحن.
  • سمات الفرد العامة المؤقتة:
    • الصحة.
    • التعب.
    • الدافعية.
    • التوتر الانفعالي.
    • منطق الاختبار.
    • فهم طريقة أداء أسئلة الاختبار.
    • الظروف الخارجية.
  • سمات الفرد الخاصة المؤقتة:
    • فهم الأعمال الخاصة المطلوبة من الاختبار.
    • الحيل النوعية.
    • التأهب العقلي.
    • تذبذب الذاكرة.
    • الزمن والخط.
    • عامل الحظ والمصادفة.

  • قياس الثبات

يحدد الثبات بعدة طرائق تجريبية وإحصائية يهمنا منها ما يأتي:

  • إعادة التطبيق أو السرور المتكرر.
  • الصور المتكافئة.
  • الإنصاف.
  • حساب الثبات بوساطة المعادلات الإحصائية.
    ومن مصادر عدم الثبات ما يأتي:
    • المصحح.
    • عدم ثبات محتوى الاختبار.
    • عدم ثبات المختبر نفسه.


  • التميــيز:

الاختبار المميز هو الذي يستطيع أن يبرز الفروق بين التلاميذ ويميز المتفوقين من الضعاف، لذلك ينبغي أن تكون جميع الأسئلة التي يشملها الاختبار مميزة، أي أن كل سؤال تختلف الإجابة عنه باختلاف التلاميذ. وهذا يتطلب أن يكون هناك مدى واسع بين السهل والصعب من الأسئلة، بحيث يؤدي هذا إلى توزيع معتدل بين أعلى وأقل الدرجات، وأن تصاغ الأسئلة في كل مستوى من مستويات الصعوبة بحيث يحصل التلاميذ على درجات متفاوتة. وفي ما يأتي مثال توضيحي لذلك:

اطرح السؤال الآتي للتلاميذ في الصف الدراسي:

هل الصدق فضيلة؟ أجب بنعم أو لا.

من تحليل إجابة التلاميذ اتضح أنهم جميعهم أجابوا بنعم، بينما أجاب تلميذ واحد بلا. والمفروض في السؤال المميز أن تختلف الإجابات عنه باختلاف الأفراد، وهذا يدل على أن هذا السؤال واضح تماماً وغير مميز.

وقد طرح سؤال آخر على التلاميذ أنفسهم:

يعد الصدق ضرورياً في مواقف الحياة اذكر نسبة ذلك؟

كانت إجابة التلاميذ مختلفة وتراوحت بين 50 ـ 100 % وهذا يدل على أن هذا السؤال مميز، وذلك لأنه أوضح الفروق الفردية بين التلاميذ، وهذا شرط أساس في أي سؤال من أسئلة الاختبار. فإذا اتضح أن أحد أسئلة الاختبار غير مميز، فإن من واجب واضع الاختبار أن يستبعد هذا السؤال لعدم جدواه.

ولتحقيق التميز في أسئلة الاختبار لابد من تحليل نتائج كل سؤال إحصائياً وتحديد سهولتها وصعوبتها ودرجه التمييز بينها من واقع عدد الإجابات الصحيحة والخاطئة والمتروكة في كل سؤال أو من خلال إيجاد العلاقة بين نتائج كل سؤال ونتائج الاختبار كله.

 

  • سهولة التطبيق والتصحيح واستخلاص النتائج:

تتأثر عملية تطبيق الاختبار بعوامل متعددة، منها ما يتصل بالاختبار وما يتميز به من خصائص، ومنها ما يتصل بمن يُعدُّ الاختبار، ومنها ما يتصل بالتلاميذ الذين يطبق عليهم الاختبار. لذلك يجب على المعلم أن يراعي الجو النفسي والاجتماعي المناسب للتلاميذ، بحيث يمكنهم من أداء الاختبار بدقة، ويحدد الهدف الذي وضع من أجله وذلك بأن تقوم علاقة إنسانية تتسم بالاطمئنان والثقة بين المعلم والتلميذ. كما ينبغي أن يتيح المعلم الفرصة لكل تلميذ بأن يظهر أفضل ماعنده من قدرات واستجابات، ليحصل على أفضل النتائج التي يمكن موازنتها بنتائج زملائه من التلاميذ. ولاشك في أن مما يساعد على هذا أن يلتزم كل من المعلم والتلميذ التعليمات المصاحبة للاختبار، ويحسن أن يقوم المعلم بإلقاء التعليمات بنفسه أمام التلاميذ قبل البدء بالإجابة، حتى لا يختلط عليهم الأمر في فهمها، وخاصة أن التلاميذ يكونون معنيين بالأسئلة أكثر من عنايتهم بالتعليمات والبعض لا يقرؤها أحياناً.

ويجب أن تكون التعليمات بسيطة وواضحة وأن يقوم المعلم بإلقائها بحيث يكون كل جزء من التعليمات واضحاً، ليتجنب سوء الفهم والخلط من التلاميذ، وعلى المعلم أيضاً الإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بالتعليمات حتى يزيل أي غموض فيها، فمن الضرورة أن يشعر التلاميذ دائما بأن من يوجههم ويشرف عليهم أناس يهتم بهم ويحرص عليهم، وهذا يمكن المعلم من الحصول على أفضل أداء من التلاميذ في تطبيق الاختبار.

ويجري تصحيح الاختبار طبقا للنموذج المحدد للإجابة، وطبقا لجدول تقدير الدرجات، وتفسير هذه الدرجات يُعَدُّ خطوة هامة، حيث يعطينا الاختبار هنا وصفاً كمياً مباشراً لأداء الشخص نطلق عليها "الدرجة الخام"، وهي عدد الأسئلة التي أجاب عنها التلميذ إجابة صحيحة، وهي في ذاتها لا معنى لها وليس لها أي دلالة، ولايمكن أن تفسر إلا بموازنتها بجدول المعايير الذي يعدُّ خطوة هامة من خطوات إعداد الاختبار، فتحول الدرجات الخام إلى درجات معيارية أو العمر التحصيلي والنسبة التحصيلية والتي يمكن ترجمتها إلى مستويات محددة للتحصيل كما سبق إيضاحه.

 

في ختام هذه الخلاصة عن صفات الاختبار الجيد، هناك خطوات هامة يتطلبها عمل الاختبار الجيد، وهي:

  • تحديد الأغراض.
  • مادة الاختبار.
  • وضع الأسئلة.
  • تنظيم ترتيب الأسئلة.
  • وضع تعليمات الأسئلة.
  • تجهيز مفتاح الأسئلة.
  • تجريب الاختبار.
  • تعديل الاختبار.
  • تطبيق الاختبار.
  • عمل معيار للاختبار.

المراجع:
تم الرجوع في هذه المقالة إلى المراجع الآتية:

  • مباديْ القياس النفسي والتقويم التربوي، سبع أبو لبدة، 1405 هـ.
  • التقويم التربوي، سعيد بامشموس وآخرون، 1400 هـ.
  • التقويم والقياس النفسي والتربوي، رمزية الغريب، 1970م.
  • علم النفس التعليمي، محمد خليفة بركات، 1396 هـ.
  • الإحصاء في التربية وعلم النفس، عبد العزيز القوصي، 1956م.